واحد منكم. قال: فأردد هذا الرجل إلى صاحبه - يعني - جريرا - فعلم عند ذلك معاوية أن أهل الشام مع شرحبيل، فقال لشرحبيل: إن هذا الذي تهم به لا يصلح ألا برضى العامة، فسر في مدائن الشام، فأعلمهم ما نحن عليه من الطلب بثأر خليفتنا وبايعهم على النصرة والمعونة.
فسار شرحبيل يستقري مدن الشام، مدينة بعد مدينة، ويقول: (أيها الناس، إن عليا قتل عثمان، وإنه غضب له قوم فلقيهم، فقتلهم، وغلب على أرضهم، ولم يبق إلا هذه البلاد، وهو واضع سيفه على عاتقه، وخائض به غمرات الموت حتى يأتيكم، ولا يجد أحدا أقوى على قتله من معاوية، فانهضوا أيها الناس بثأر خليفتكم المظلوم. فأجابه الناس كلهم إلا نفرا من أهل حمص نساكا، فإنهم قالوا (نلزم بيوتنا ومساجدنا، وأنتم أعلم).
فلما ذاق معاوية أهل الشام، وعرف مبايعتهم له قال لجرير (إلحق بصاحبك، وأعلمه أني وأهل الشام لا نجيبه إلى البيعة)، ثم كتب إليه بأبيات كعب بن جعيل:
أرى الشام تكره ملك العراق * وأهل العراق لهم كارهونا وكل لصاحبه مبغض * يرى كل ما كان من ذاك دينا وقالوا علي إمام لنا * فقلنا رضينا ابن هند رضينا وقالوا نرى أن تدينوا لنا * فقلنا لهم لا نرى أن ندينا وكل يسر بما عنده * يرى غث ما في يديه سمينا وما في علي لمستعتب * مقال سوى ضمه المحدثينا وليس براض ولا ساخط * ولا في النهاة ولا الآمرينا ولا هو ساء ولا سره * ولا بد من بعد ذا أن يكونا فلما قرأ علي رضي الله عنه قال للنجاشي أجب، فقال:
دعن معاوي ما لن يكونا * فقد حقق الله ما تحذرونا أتاكم علي بأهل العراق * وأهل الحجاز فما تصنعونا