بما حمله معاوية، فقال له علي: (وما أنت وذاك، لا أم لك، فلست هناك؟!) فقام حبيب مغضبا، فقال: (والله لتريني بحيث تكره)، قال شرحبيل:
(أفلا تسلم إلينا قتلة عثمان؟)، (قال علي: (إني لا أستطيع ذلك، وهم زهاء عشرين ألف رجل)، فقاما عنه، فخرجا، قالوا: فمكث الناس كذلك إلى أن انسلخ المحرم (1).
وفي ذلك يقول حابس بن سعد الطائي، وكان صاحب لواء طيئ مع معاوية:
فما بين المنايا غير سبع * بقين من المحرم أو ثمان ألم يعجبك أنا قد هجمنا * وإياهم على الموت العيان أينهانا كتاب الله عنهم * ولا ينهاهم آي القرآن فلما انسلخ المحرم بعث علي مناديا، فنادى في عسكر معاوية عند غروب الشمس: (إنا أمسكنا لتنصرم الأشهر الحرم، وقد تصرمت، وإنا ننبذ إليكم على سواء، إن الله لا يحب الخائنين).
فبات الفريقان يكتبون الكتائب، وقد أوقدوا النيران في العسكرين، فلما أصبحوا تزاحفوا، وقد استعمل علي على الخيل عمار بن ياسر، وعلى الرجالة عبد الله بن بديل بن ورقاء الخزاعي، ودفع الراية العظمى إلى هاشم بن عتبة المرقال، وجعل على الميمنة الأشعث بن قيس وعلى الميسرة عبد الله بن عباس، وعلى رجالة الميمنة سليمان بن صرد، وعلى رجالة الميسرة الحارث بن مرة العبدي، وجعل في القلب مضر، وفي الميمنة ربيعة، وفي الميسرة أهل اليمن، وضم قريشا وأسدا وكنانة إلى عبد الله بن عباس، وضم كندة إلى الأشعث، وضم بكر البصرة إلى الحضين (3) ابن المنذر، وضم تميم البصرة إلى الأحنف بن قيس، وولى أمر خزاعة عمرو بن الحمق، وولى بكر الكوفة نعيم بن هبيرة، وولى سعد رباب البصرة خارجة