فأراده معاوية على أن يقوم في الناس فيلزم عليا دم عثمان، فأبى، فاستخف به معاوية، ثم أدناه بعد وقربه.
قالوا: ولما عزم أهل الشام على نصر معاوية، والقيام معه أقبل أبو مسلم الخولاني، وكان من عباد أهل الشام، حتى قدم على معاوية، فدخل عليه في أناس من العباد، فقال له: (يا معاوية قد بلغنا أنك تهم بمحاربة علي بن أبي طالب، فكيف تناوئه (1) وليست لك سابقته؟)، فقال لهم معاوية: (لست أدعي أني مثله في الفضل، ولكن تعلمون أن عثمان قتل مظلوما؟)، قالوا:
(نعم) (2)، قال: (فليدفع لنا قتلته حتى نسلم إليه هذا الأمر). قال أبو مسلم: (فاكتب إليه هذا الأمر، حتى أنطلق أنا بكتابك)، فكتب:
(بسم الله الرحمن الرحيم، من معاوية بن أبي سفيان إلى علي بن أبي طالب، سلام عليك، فإني أحمد إليك الله الذي لا إله إلا هو، أما بعد، فإن الخليفة عثمان قتل معك في المحلة، وأنت تسمع من داره الهيعة (3)، فلا تدفع عنه بقول ولا بفعل، وأقسم بالله لو قمت في أمره مقاما صادقا، فنهنهت (4) عنه ما عدل بك من قبلنا من الناس أحدا، وأخرى أنت بها ظنين، إيواؤك قتلته، فهم عضدك ويدك وأنصارك وبطانتك، وبلغنا أنك تبتهل (5) من دمه، فإن كنت صادقا فأمكنا من قتلته، نقتلهم به، ونحن أسرع الناس إليك، وإلا فليس لك ولا لأصحابك عندنا إلا السيف، فوالله الذي لا إله غيره لنطلبن قتلة عثمان في البر والبحر حتى نقتلهم أو تلحق أرواحنا بالله والسلام).
فسار أبو مسلم بكتابه حتى ورد الكوفة، فدخل على علي، فناوله الكتاب، فلما قرأه تكلم أبو مسلم، فقال (يا أبا الحسن، إنك قد قمت بأمر، ووليته،