بلادنا؟ فإن كان ذلك من قحط نزل بكم، فإنا نوسعكم ونفضل عليكم، فارجعوا إلى بلادكم).
فقال له المغيرة: (أما ما ذكرت من عظيم سلطانكم، ورفاهة عيشكم، وظهوركم على الأمم، وما أوتيتم من رفيع الشأن، فنحن كل ذلك عارفون، وسأخبرك عن حالنا: إن الله وله الحمد، أنزلنا بقفار من الأرض، مع الماء النزر، والعيش القشف يأكل قوينا ضعيفنا، ونقطع أرحامنا، ونقتل أولادنا خشية الإملاق، ونعبد الأوثان، فبينا نحن كذلك بعث الله فينا نبيا، من صميمنا وأكرم أرومة (1) فينا، وأمره أن يدعو الناس إلى شهادة أن لا إله إلا الله، وأن نعمل بكتاب أنزله إلينا، فآمنا به، وصدقناه، فأمرنا أن ندعو الناس إلى ما أمره الله به، فمن أجابنا كان له ما لنا، وعليه ما علينا، ومن أبى ذلك سألناه الجزية (2) عن يد، فمن أبى جاهدناه، وأنا أدعوك إلى مثل ذلك، فإن أبيت فالسيف). وضرب يده مشيرا بها إلى قائم سيفه.
فلما سمع ذلك رستم تعاظمه ما استقبله به، واغتاظ منه، فقال: (والشمس، لا يرتفع الضحى غدا حتى أقتلكم أجمعين) فانصرف المغيرة إلى سعد، فأخبره بما جرى بينهما، وقال لسعد (استعد للحرب)، فأمر الناس بالتهيؤ والاستعداد، فبات الفريقان يكتبون الكتائب، ويعبون الجنود، وأصبحوا وقد صفوا الصفوف، ووقفوا تحت الرايات، وكانت بسعد علة من خراج (3) في فخذه قد منعه الركوب، فولى أمر الناس خالد بن عرفطة، وولى القلب قيس بن هبيرة، وولى الميمنة شرحبيل ابن السمط، وولى الميسرة هاشم بن عتبة بن أبي وقاص، وولى الرجالة قيس بن خريم، وأقام هو في قصر القادسية، مع الحرم والذرية، ومعه في القصر أبو محجن الثقفي محبوسا في شراب شربه.