الأشرس وأصحابه حتى أتوا الأحراس، فوضعوا فيهم السيف، وتداعى الناس، وأسندوا ظهورهم إلى حائط السور، وأبو موسى وأصحابه يكبرون لتشتد بذلك ظهورهم، وأفضى أصحاب الأشرس إلى الباب، فضربوا القفل حتى كسروه، وفتحوا الباب، ودخل أبو موسى والمسلمون، فوضعوا فيهم السيوف، وهرب الهرمزان في عظماء مرازبته حتى دخلوا الحصن الذي في جوف المدينة، وأخذ أبو موسى المدينة بما فيها وحاصروا الهرمزان حتى فنى ما كان أعد في الحصن من الميرة، ثم سأل الأمان، فقال أبو موسى: أو منك على حكم أمير المؤمنين. فرضي بذلك، وخرج فيمن كان معه من أهل بيته ومرازبته إلى أبي موسى، فوجه به وبهم أبو موسى إلى عمر رضي الله عنه، ووجه معه ثلاثمائة رجل، وأمر عليهم أنس بن مالك، فساروا حتى انتهوا إلى ماء يقال له (السمينة) (1)، فأقبل أهل الماء يمنعونهم من النزول خوفا من أن يفنوا ماءهم، فلما علموا أن أنسا صاحب القوم جاءوهم، فنزلوا، فقال رجل من أصحاب أنس لأنس: أخبر أمير المؤمنين بما صنع هؤلاء بنا، ليخرجوهم من هذا الماء. قال الهرمزان: وإن أراد مريد أن يحولهم إلى مكان شر منه، هل كان يجده؟.
ثم ساروا حتى وافوا المدينة، فأتوا دار عمر، وقد زينوا الهرمزان بقبائه (2) ومنطقته وسيفه وسواريه وتوأمتيه (3)، وكذلك من كان معه، لينظر عمر رضي الله عنه إلى زي الملوك والمرازبة وهيئتهم، فكان من خبره ما هو مشهور.
وانصرف عمار بن ياسر فيمن كان معه من أصحابه إلى أوطانهم بالكوفة، وسار أبو موسى من تستر، حتى أتوا السوس (4)، فحاصرها، فسأله مرزبانها أن يؤمنه في ثمانين رجلا من أهل بيته وخاصة أصحابه، فأجابه إلى ذلك، فخرج إليه، فعد ثمانين رجلا، ولم يعد نفسه فيهم فأمر أبو موسى به، فضربت عنقه، وأطلق الثمانين الذين عدهم، ثم دخل المدينة، فغنم ما فيها، ثم بعث منجوف بن ثور إلى