والظاهر أن تسالم من تعرض لدليل الانسداد على الرجوع للظن عند تمامية المقدمات بأحد الوجوه المتقدمة مبني على إغفال الفرق بين الوجهين الذين أشرنا إليهما واختلاطهما عليهم. ومثله الاحتجاج له بقبح ترجيح المرجوح على الراجح.
ثم إنه ربما يقرب الكشف بوجه آخر لا يرجع إلى حجية الظن وإحراز الواقع به شرعا، بل إلى إيجاب الاحتياط في مورد الظن شرعا، فإنه كما يمكن إيجابه في مطلق الاحتمال، كما في الشبهة التحريمية عند الأخباريين، يمكن جعله في خصوص مورد الظن، وهو يك في في حفظ الاحكام المفروض اهتمام الشارع بها في الجملة.
ومنه يظهر أنه لا مجال لاحراز الحجية بالوجه المتقدم - مع قطع النظر عما أوردنا عليه سابقا - لامكان الاستغناء عنها في حفظ الاحكام بإيجاب الاحتياط، فلا مجال لترتيب آثار الحجية على الظن حينئذ، كاستصحاب مؤداه مثلا، كما لا مجال له على الحكومة أو تبعيض الاحتياط.
الا أن يدعى القطع بعدم ابتناء الامتثال في معظم الاحكام على الاحتياط، لمجانبته لطريقة الشارع، وانه لا بد من الامتثال بطريق شرعي جزمي، فيتعين استكشاف حجية الظن بالوجه المتقدم لو تم في نفسه، وبطلان بقية الوجوه المذكورة في المقام.
لكنه غير ظاهر، كما أشرنا إليه في الوجه الأول من وجوه الاستدلال على امتناع الرجوع للاحتياط. فلا ينهض الوجه المذكور بإثبات حجية الظن، والمتيقن هو وجوب الاحتياط شرعا مع الظن.
نعم، يشكل هذا التقريب بعدم الدليل عليه، إذ لا معين للظن في تشخيص مورد الاحتياط إلا قاعدة قبح ترجيح المرجوح على الراجح التي عرفت الاشكال في التمسك بها في المقام.