وفيه: أن الأقربية في الظن لا تصلح للاتكال عليه في بيان حجيته، لان الأقربية إنما تقتضي العمل حيث يتعلق الغرض بتحصيل الواقع على كل حال، كما تقدم، وهو لا يقتضي الحجية المبتنية على الالزام والالتزام، والتعذير والتنجيز.
وبعبارة أخرى: الرجوع إلى شئ عند تعذر العلم..
تارة: يكون من حيث الاهتمام بتحصيل الواقع على كل حال المقتضي لسلوك أقرب الطرق إليه.
وأخرى: يكون لصلوحه بنظر العقل أو العقلاء للاحتجاج والتعذير والتنجيز وترتب المدح والذم.
والمناسب للحجية هو الثاني، فهو الذي يمكن الاتكال على حاله في بيان حجيته، لان للجهة المذكورة نحوا من الاقتضاء صالحا للاتكال عليه في مقام البيان. بل الظاهر أنه لا يحتاج معه إلى مقدمات الانسداد، لان الأصل الجري على المقتضي المذكور الثابت بحكم العقل أو ببناء العقلاء، ومن ثم سبق في الفصل الأول والخامس الاعتماد في الحجية على السيرة بمجرد عدم ثبوت الردع.
نعم، لو فرض اختصاص الاقتضاء المذكور في الطريق بصورة تمامية المقدمات اتجه تقييد الحجية الشرعية به أيضا.
هذا، والظاهر أن الأقربية في الظن إنما تقتضي العمل به على الوجه الأول، لا الثاني، فلا مجال لاستكشاف حجيته من مجرد اهتمام الشارع بحفظ التكاليف وسكوته عن جعل غيره.
اللهم إلا أن يدعى بناء العقلاء عند الانسداد وعدم طرق أخرى هي من سنخ الحجج بنظرهم على العمل بالظن بما هو حجة صالح للاعتماد عليه في مقام التعذير والتنجيز لكنه ممنوع.