دخالة العنوان في الحكم أصلا نحو " خذ دينك من هذا الجالس " فلا يوجد هنا تعليق على العنوان حتى ينتفي الحكم بانتفاء فعلية العنوان أو نقول بالوضع للأعم، بل التعليق على ذات المشار إليه لا على عنوانه.
ومما يتعلق بالحديث حول هذا المنشأ ذكر ثلاثة أمور:
أ - إن الفرق بين هذا المنشأ وسابقه أن الحديث في المنشأ السابق كان بعد الفراغ عن أخذ العنوان على نحو الموضوعية، أي أن العنوان الاثباتي بعد كونه هو الموضوع الثبوتي هل يدور الحكم مداره حدوثا وبقاء ا أم حدوثا فقط، هذا هو المنشأ السابق، وأما الحديث في هذا المنشأ فهو أن العنوان الاثباتي هل له مدخلية في الحكم ثبوتا على نحو الحيثية التعليلية أم التقييدية، وعلى نحو العلة المحدثة والمبقية أم المحدثة فقط، أم لا دخالة له في الحكم أصلا بل هو مشير ومعرف بالموضوع الواقعي، فالفرق بين المنشأين واضح.
ب - لقد جاء في كلمات الأستاذ السيد الخوئي (قده) أن انقسام العناوين للمأخوذ على نحو المعرفية والمأخوذ على نحو الموضوعية خاص بالقضايا الخارجية دون القضايا الحقيقية، فإن العناوين المأخوذة في القضايا الحقيقية دائما تكون مأخوذة على نحو الموضوعية، باعتبار رجوع القضايا الحقيقية لقضية شرطية مقدمها وجود الموضوع وتاليها ثبوت المحمول له، فلابد أن يكون العنوان المأخوذ في المقدم ذا دخالة في الحكم المذكور في التالي إذ لولا دخالته فيه لم يعقل اشتراطه به وتعليقه عليه (1).
ولكن الصحيح عدم الفرق بينهما، فكما تنقسم القضايا الخارجية للنوعين المذكورين فكذلك القضايا الحقيقية أيضا، والسر في ذلك أن الفرق بين القضية الحقيقية والخارجية ليس فرقا إثباتيا حتى يتصور الانقسام الاثباتي