عنصران ما به الاشتراك وما به الامتياز فما به الاشتراك إن لوحظ بما له من الحدود التي تفصله عما به الامتياز فهو المادة، وإن لوحظ بما هو مبهم تمام الابهام لا تحصل له الا بالصور النوعية والفصول فهو الجنس.
وبناءا على اللحاظ الأول يكون ما به الاشتراك معتبرا في الذهن بنحو البشرط لا عن الحمل، وبناءا على اللحاظ الثاني يكون معتبرا في الذهن بنحو اللابشرط عن الحمل، ويصح للذهن حمل الجنس على النوع، فيقول: الانسان حيوان بناءا على الاعتبار الثاني ولا يصح للذهن حمل المادة على الصورة النوعية بناءا على الاعتبار الأول.
فتبين لنا من خلال هذا المثال أن الحمل ليس انفعالا محضا عما في الخارج بل هو عمل نفسي يتأثر ويتغير بتغير اللحاظ والاعتبار الذهني، كما أن هذه الاعتبارات ليست مجرد فرض واختراع بل لها مناشئ واقعية، فمثلا ما به الاشتراك في الماهيات الواقعية له حيثيتان واقعيتان، إحداهما: كونه ذا حد خاص يتميز به عن غيره، وثانيتهما: كونه مبهما تاما الابهام لولا تحصله بالفصل. فإذا أدرك الذهن هاتين الحيثيتين فإن لاحظه بالحيثية الأولى أخذه بنحو البشرط لا، وترتب على ذلك عدم حمله على الذات، وإن لاحظه بالحيثية الثانية أخذه بنحو اللابشرط، وترتب على ذلك صحة حمله على الذات.
وكذلك مثال العرض المرتبط بمحل كلامنا، فإن العلم - مثلا - كعرض من الاعراض له حيثيتان واقعيتان، إحداهما: أنه ماهية لها حدها الخاص ووجودها النفسي المتميز عن وجود الجوهر، وثانيهما: أنه طور من أطوار الجوهر وشأن من شؤونه وصوره. فإن لاحظه الذهن من الزاوية الأولى أخذه بنحو البشرط لا عن الحمل، وهذا هو المعبر عنه بالمبدأ كالعلم، وإن لاحظه من الزاوية الثانية أخذه بنحو اللابشرط عن الحمل، وهذا هو المعبر عنه بالمشتق كالعالم.