خارجيا. واعترض على ذلك بأن إسناد الرفع إلى التكليف حقيقي لأنه قابل للرفع بنفسه واسناده إلى الموضوع مجازي وبلحاظ حكمه، ولا يمكن الجمع بين الاسناد الحقيقي والمجازي في استعمال واحد.
والجواب: إن اسناد الرفع إلى التكليف ليس حقيقيا أيضا، لما عرفت سابقا من أنه رفع ظاهري لا واقعي، فالاسنادان كلاهما عنائيان.
الثانية: أن يراد باسم الموصول التكليف المجعول وهو مشكوك في الشبهة الحكمية والموضوعية معا، وإنما يختلفان في منشأ الشك، فإن المنشأ في الأولى عدم العلم بالجعل، وفي الثانية عدم العلم بالموضوع.
والمعين للاحتمال الثالث بعد تصوير الجامع هو الاطلاق فتتم دلالة حديث الرفع على البراءة ونفي وجوب التحفظ والاحتياط.
ومنها: رواية زكريا بن يحيى عن آبي عبد الله عليه السلام أنه قال: (ما حجب الله علمه عن العباد فهو موضوع عنهم). فان الوضع عن المكلف تعبير آخر عن الرفع عنه فتكون دلالة هذه الرواية على وزان دلالة الحديث السابق ويستفاد منها نفي وجوب التحفظ والاحتياط.
وقد يلاحظ على الاستدلال أمران:
أحدهما: أن الحجب هنا أسند إلى الله تعالى فيختص بالاحكام المجهولة التي ينشأ عدم العلم بها من قبل الشارع لاخفائه لها، ولا يشمل ما تشك فيه عادة من الاحكام التي يحتمل عدم وصولها لعوارض اتفاقية.
ويرد عليه: أن الحجب لم يسند إلى المولى سبحانه بما هو شارع وحاكم لينصرف إلى ذلك النحو من الحجب، بل أسند إليه بما هو رب العالمين، وبيده الامر من قبل ومن بعد، وبهذا يشمل كل حجب يقع في العالم، ولا موجب لتقييده بالحجب الواقع منه بما هو حاكم.