يدركه العقل في نطاق التكاليف المعلومة يدركه أيضا في نطاق التكاليف المحتملة بمعنى أن من حق الله على الانسان أن يطيعه في التكاليف المعلومة والمحتملة، فإذا علم بتكليف كان من حق الله عليه أن يمتثله وإذا احتمل تكليفا كان من حق الله أن يحتاط، فيترك ما يحتمل حرمته أو يفعل ما يحتمل وجوبه؟
والصحيح في رأينا هو أن الأصل في كل تكليف محتمل هو الاحتياط نتيجة لشمول حق الطاعة للتكاليف المحتملة، فإن العقل يدرك أن للمولى على الانسان حق الطاعة لا في التكاليف المعلومة فحسب، بل في التكاليف المحتملة أيضا، ما لم يثبت بدليل أن المولى لا يهتم بالتكليف المحتمل إلى الدرجة التي تدعو إلى إلزام المكلف بالاحتياط.
وهذا يعني أن الأصل بصورة مبدئية كلما احتملنا حرمة أو وجوبا هو أن نحتاط، فنترك ما نحتمل حرمته ونفعل ما نحتمل وجوبه، ولا نخرج عن هذا الأصل إلا إذا ثبت بالدليل أن الشارع لا يهتم بالتكليف المحتمل إلى الدرجة التي تفرض الاحتياط ويرضى بترك الاحتياط، فإن المكلف يصبح حينئذ غيره مسؤول عن التكليف المحتمل.
فالاحتياط إذن واجب عقلا في موارد الشك، ويسمى هذا الوجوب أصالة الاحتياط أو أصالة الاشتغال - أي اشتغال ذمة الانسان بالتكليف المحتمل - ونخرج عن هذا الأصل حين نعرف أن الشارع يرضى بترك الاحتياط.
وهكذا تكون أصالة الاحتياط هي القاعدة العملية الأساسية.
ويخالف في ذلك كثير من الأصوليين إيمانا منهم بأن الأصل في المكلف أن لا يكون مسؤولا عن التكاليف المشكوكة، ولو إحتمل أهميتها بدرجة