وإنما يتوقف متعلق الوجوب - أي الصلاة - على الوضوء، ويتوقف الوضوء على تحضير الماء الكافي، ويتوقف تحضير هذا الماء على فتح خزان الماء مثلا.
فهناك إذن سلسلتان من المقدمات: الأولى سلسلة مقدمات المتعلق أي الوضوء الذي تتوقف عليه الصلاة وتحضير الماء الذي يتوقف عليه الوضوء وفتح الخزان الذي يتوقف عليه تحضير الماء.
والثاني سلسلة مقدمات الوجوب، وهي الاستطاعة التي تدخل في تكوين موضوع وجوب الحج، والتكسب الذي تتوقف عليه الاستطاعة، وذهاب الشخص إلى محله في السوق الذي يتوقف عليه التكسب. وموقف الوجوب من هذه السلسلة الثانية وكل ما يندرج في القسم الثاني من المقدمات سلبي دائما، لان هذا القسم يتوقف عليه وجود موضوع الحكم، وقد عرفنا سابقا أن الوجوب لا يمكن أن يدعو إلى موضوعه.
وتسمى كل مقدمة من هذا القسم " مقدمة وجوب " أو " مقدمة وجوبية ". وأما السلسلة الأولى والمقدمات التي تندرج في القسم الأول، فالمكلف مسؤول عن إيجادها، أي إن المكلف بالصلاة مثلا مسؤول عن الوضوء لكي يصلي، والمكلف بالحج مسؤول عن السفر لكي يحج، والمكلف بالجهاد مسؤول عن التسلح لكي يجاهد.
والنقطة التي درسها الأصوليون هي نوع هذه المسؤولية، فقد قدموا لها تفسيرين:
أحدهما أن الواجب شرعا على المكلف هو الصلاة فحسب دون مقدماتها من الوضوء ومقدماته، وإنما يجد المكلف نفسه مسؤولا عن إيجاد الوضوء وغيره من المقدمات عقلا، لأنه يرى أن امتثال الواجب الشرعي لا يتأتى له إلا بإيجاد تلك المقدمات.