بداية الوصول في شرح كفاية الأصول - الشيخ محمد طاهر آل الشيخ راضي - ج ٣ - الصفحة ١٢٦
وفيه: إنه لا سبيل للعرف في الحكم بالجواز أو الامتناع إلا طريق العقل، فلا معنى لهذا التفصيل إلا ما أشرنا إليه من النظر المسامحي للغير المبتني على التدقيق والتحقيق. وأنت خبير بعدم العبرة به، بعد الاطلاع على خلافه بالنظر الدقيق.
وقد عرفت فيما تقدم: أن النزاع ليس في خصوص مدلول صيغة الأمر والنهي، بل في الأعم، فلا مجال لأن يتوهم أن العرف هو المحكم في تعيين المداليل، ولعله كان بين مدلوليهما حسب تعيينه تناف لا يجتمعان في واحد ولو بعنوانين وإن كان العقل يرى جواز اجتماع الوجوب والحرمة في واحد بوجهين، فتدبر (1).
____________________
(1) يقول هذا المفصل بأنه يجوز اجتماع الأمر والنهي عند العقل ويمنع اجتماعهما عند العرف، وقد أشار المصنف إلى مدركين لهذا التفصيل:
الأول: ان يكون السبب في هذا التفصيل هو ان العقل يرى أن المجمع ليس واحدا فلذا يرى جواز الاجتماع، والعرف يرى أن المجمع واحد فيرى الامتناع.
والجواب عنه: ان العرف ليس له - بما هو عرف - رأي في هذا بل العرف يتبع في ذلك حكم العقل، فالعرف إذا رجع إلى العقل فيما يحكم به العقل هو المتبع عند العرف، فإذا كان العقل الذي ينظر الحال بنحو التدقيق والتحقيق يرى أن المجمع ليس واحدا، والعرف يراه واحدا لأنه لا ينظر كما ينظر العقل بل نظره مبتن على التسامح وعدم التدقيق فلذا يراه واحدا، ولكن حيث إن العرف لا معول على ما يراه في هذا المقام فلابد من أن يتبع العقل في حكمه ورأيه.
وبعبارة أخرى: ان العرف انما يتبع في مداليل الالفاظ حيث وضعت للتفاهم، فإذا كان العرف يفهم منها شيئا يكون هو المتبع.
واما في مصداق ما هو متعلق للأمر والنهي وانه في الخارج هل هو واحد أو متعدد؟ فلاوجه لاتباع العرف في نظره المبني على التسامح، ولابد في اتباع رأي العقل في ذلك بل على العرف ان يتبع طريق
(١٢٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 117 121 122 123 125 126 128 130 131 132 134 ... » »»
الفهرست