إنما هو أثر بقاء الامر الأول بعد العلم (1) مع أنه عقلي، وليس إلا من باب وجوب الإطاعة عقلا.
لأنه يقال: إن الجزئية وإن كانت غير مجعولة بنفسها، إلا أنها مجعولة بمنشأ انتزاعها، وهذا كاف في صحة رفعها.
لا يقال: إنما يكون ارتفاع الامر الانتزاعي برفع منشأ انتزاعه، إلا أن نسبة حديث الرفع - الناظر إلى الأدلة الدالة على بيان الاجزاء - إليها نسبة الاستثناء، وهو معها يكون دالة على جزئيتها إلا مع الجهل بها، كما لا يخفى، فتدبر جيدا.
وينبغي التنبيه على أمور:
الأول: إنه ظهر مما مر حال دوران الامر بين المشروط بشئ ومطلقه، وبين الخاص كالانسان وعامه كالحيوان، وأنه لا مجال ها هنا للبراءة عقلا، بل كان الامر فيهما أظهر، فإن الانحلال المتوهم في الأقل والأكثر لا يكاد يتوهم هاهنا، بداهة أن الاجزاء التحليلية لا يكاد يتصف باللزوم من باب المقدمة عقلا، فالصلاة - مثلا - في ضمن الصلاة المشروطة أو الخاصة موجودة بعين وجودها، وفي ضمن صلاة أخرى فاقدة لشرطها وخصوصيتها تكون متباينة للمأمور بها، كما لا يخفى.
نعم لا بأس بجريان البراءة النقلية في خصوص دوران الامر بين المشروط وغيره، دون دوران الامر (2) بين الخاص وغيره، لدلالة مثل حديث الرفع على عدم شرطية ما شك في شرطيته، وليس كذلك خصوصية الخاص، فإنها إنما تكون منتزعة عن نفس الخاص، فيكون الدوران بينه و (بين) غيره من قبيل الدوران بين