علينا تحصيل الظن بالبراءة في حكمه، إذ هو الأقرب إلى العلم به، فيتعين الاخذ به عند التنزل من العلم في حكم العقل، بعد انسداد سبيل العلم والقطع ببقاء التكليف، دون ما يحصل معه الظن بأداء الواقع، كما يدعيه القائل بأصالة حجية الظن). انتهى موضع الحاجة من كلامه، زيد في علو مقامه.
وفيه أولا: إن الحاكم على الاستقلال في باب تفريغ الذمة بالإطاعة والامتثال إنما هو العقل، وليس للشاعر في هذا الباب حكم مولوي يتبعه حكم العقل، ولو حكم في هذا الباب كان بتبع حكمه إرشادا إليه، وقد عرفت استقلاله بكون الواقع بما هو [هو] (1) مفرغ، وأن القطع به حقيقة أو تعبدا مؤمن جزما، وأن المؤمن في حال الانسداد هو الظن بما كان القطع به مؤمنا حال الانفتاح، فيكون الظن بالواقع أيضا مؤمنا حال الانسداد.
وثانيا: سلمنا ذلك، لكن حكمه بتفريغ الذمة - فيما إذا أتى المكلف بمؤدى الطريق المنصوب - ليس إلا بدعوى أن النصب يستلزمه، مع أن دعوى أن التكليف بالواقع يستلزم حكمه بالتفريغ فيما إذا أتى به أولى، كما لا يخفى، فيكون الظن به ظنا بالحكم بالتفريغ أيضا.
إن قلت: كيف يستلزمه (2) الظن بالواقع؟ مع أنه ربما يقطع بعدم حكمه به معه، كما إذا كان من القياس، وهذا بخلاف الظن بالطريق، فإنه يستلزمه ولو كان من القياس.
قلت: الظن بالواقع أيضا يستلزم (3) الظن بحكمه بالتفريغ (4)، ولا ينافي