مطلق المخالفة والعقوبة بنفسها، وبمجرد (1) الظن به بدون دليل على اعتباره لا يتنجز به، كي يكون مخالفته عصيانه.
إلا أن يقال: إن العقل وإن لم يستقل بتنجزه بمجرده، بحيث يحكم باستحقاق العقوبة على مخالفته، إلا أنه لا يستقل أيضا بعدم استحقاقها معه، فيحتمل العقوبة حينئذ على المخالفة، ودعوى استقلاله بدفع الضرر المشكوك كالمظنون قريبة جدا، لا سيما إذا كان هو العقوبة الأخروية، كما لا يخفى.
وأما المفسدة فلانها وإن كان الظن بالتكليف يوجب الظن بالوقوع فيها لو خالفه، إلا أنها ليست بضرر على كل حال، ضرورة أن كل ما يوجب قبح الفعل من المفاسد لا يلزم أن يكون من الضرر على فاعله، بل ربما يوجب حزازة ومنقصة في الفعل، بحيث يذم عليه فاعله بلا ضرر عليه أصلا، كما لا يخفى.
وأما تفويت المصلحة، فلا شبهة في أنه ليس فيه مضرة، بل ربما يكون في استيفائها المضرة، كما في الاحسان بالمال.
هذا مع منع كون الاحكام تابعة للمصالح والمفاسد في المأمور به (2) والمنهي عنه (3)، بل إنما هي تابعة لمصالح فيها، كما حققناه في بعض فوائدنا (4).
وبالجملة: ليست المفسدة ولا المنفعة الفائتة اللتان في الأفعال وأنيط بهما الاحكام بمضرة، وليس مناط حكم العقل بقبح ما فيه المفسدة أو حسن ما فيه المصلحة من الأفعال على القول باستقلاله بذلك، هو كونه ذا ضرر وارد على فاعله أو نفع عائد إليه، ولعمري هذا أوضح من أن يخفى، فلا مجال لقاعدة رفع