وفقه بدون ذلك، نعم لا يبعد أن يكون بناؤهم على ذلك، فيما لا يكون هناك أمارة على الحدس، أو اعتقاد الملازمة فيما لا يرون هناك ملازمة.
هذا لكن الاجماعات المنقولة في ألسنة الأصحاب غالبا مبنية على حدس الناقل أو اعتقاد الملازمة عقلا، فلا اعتبار لها ما لم ينكشف أن نقل السبب كان مستندا إلى الحس، فلا بد في الاجماعات المنقولة بألفاظها المختلفة من استظهار مقدار دلالة ألفاظها، ولو بملاحظة حال الناقل وخصوص موضع النقل، فيؤخذ بذاك المقدار ويعامل معه كأنه المحصل، فإن كان بمقدار تمام السبب، وإلا فلا يجدي ما لم يضم إليه مما حصله أو نقل له من سائر الأقوال أو سائر الامارات ما به (1) تم، فافهم.
فتلخص بما ذكرنا: أن الاجماع المنقول بخبر الواحد، من جهة حكايته رأي الإمام (عليه السلام) بالتضمن أو الالتزام، كخبر الواحد في الاعتبار إذا كان من نقل إليه ممن يرى الملازمة بين رأيه (عليه السلام) وما نقله من الأقوال، بنحو الجملة والاجمال، وتعمه أدلة اعتباره، وينقسم بأقسامه، ويشاركه في أحكامه، وإلا لم يكن مثله في الاعتبار من جهة الحكاية.
وأما من جهة نقل السبب، فهو في الاعتبار بالنسبة إلى مقدار من الأقوال التي نقلت إليه على الاجمال بألفاظ نقل الاجماع، مثل ما إذا نقلت على التفصيل، فلو ضم إليه مما حصله أو نقل له (2) - من أقوال السائرين أو سائر الامارات - مقدار كان المجموع منه وما نقل بلفظ الاجماع بمقدار السبب التام، كان المجموع كالمحصل، ويكون حاله كما إذا كان كله منقولا، ولا تفاوت في اعتبار الخبر بين ما إذا كان المخبر به تمامه، أو ما له دخل فيه وبه قوامه، كما يشهد به حجيته بلا ريب في تعيين حال السائل، وخصوصية القضية الواقعة المسؤول عنها، وغير ذلك مما له دخل في تعيين