أو استمراره عند تعلق الأمر بأحدهما. فمقتضى الدليل إناطة التكليف بهما بعدم حصول الحرج فيستمر على أحدهما إلى أن يحصل الحرج.
وقد يقال: إن إناطة الحكم بالحرج ودورانه مداره حرج آخر، إذ ليس له حد معين معلوم يقف عليه، بل لا بد من حصول العلم به ولا يحصل إلا بعد وقوع الحرج ووجدانه من نفسه، كالاشتغال بقضاء الفوائت على القول بالمضايقة أو الاحتياط في الموارد التي يقع الاشتباه فيها في تعيين المكلف به إلى أن يتحقق عنده الحرج.
وفيه: أنه لا مانع من التزام الحرج بالقدر الذي يتوقف العلم بموضوعه عليه، كالصبر على الإمساك المضر في أيام الصيام إلى أن يظهر الإضرار، وكذا الضرر الحاصل في سائر المقامات الموجب لتبدل أحكام الواجبات والمحرمات.
ومنها: أن الحرج قد يكون في نفس الفعل أو الترك المأمور به، وقد يقع في أجزائه أو شرائطه أو الاحتراز عن موانعه، فهل يسقط به التكليف بذلك من أصله إلى أن يثبت خلافه أو يسقط به جزئية الجزء أو الشرط المتعسر فيجب الإتيان بالباقي حتى يثبت ارتفاعه؟ والذي يظهر إجمال الدليل بالنسبة إلى ذلك، لتحقق نفي الحرج على كلا الوجهين، فيرجع الأمر في ذلك إلى ما عرفت من حكم تعذر الجزء أو الشرط وأن الأصل سقوط أصل الحكم، إلا حيث يقوم هناك دليل آخر على تعلق الطلب بالباقي أو على قاعدة تقتضي ذلك.
ومنها: أن نفي الحرج هل يختص بالتكاليف السمعية أو يجري في الأحكام العقلية أيضا كوجوب رد الوديعة وتحريم الظلم بأقسامه؟ الوجه أن يقال: إنه إن استقل العقل بوجوب ما فيه الحرج أو تحريم ما في تركه الحرج فمقتضى التلازم بين حكمي العقل والشرع بقاء التكليف بمقتضى حكم العقل، أما مع عدم استقلال العقل في مورد الحرج فلا. ومن الأول وجوب استنقاذ النبي وشبهه من موارد الهلاك وتحريم ظلمه وهتك حرمته.
ويمكن القول بأن مطلق قتل المسلم بغير حق من هذا القبيل. ومن الثاني