وكذا لا كلام في دلالة الإخبار بالعدد الزائد على نفي الناقص، للزوم الكذب قطعا. وكذا الأمر بالزائد يقتضي عدم جواز الاقتصار على ما دونه، لعدم حصول الامتثال بالضرورة. فالكلام إنما هو في دلالة اللفظ على اختصاص الحكم الواقعي أو النسبة الخارجية بالعدد المنطوق به على الوجه الذي اعتبر في محل النطق من إطلاق أو تقييد ليفيد انتفاء أحدهما عن القدر الزائد خاصة في بعض المقامات، وعن تمام العدد الزائد والناقص جميعا في غير الموارد المذكورة، على ما هو الحال في الصلاة والطواف وغيرهما بحيث يصلح معارضا لما دل على ثبوت أحدهما في أحد المقامين.
ويظهر من بعضهم تخصيص محل المسألة بالزائد دون الناقص، وذلك يتم في الأخبار دون الأحكام، لتساوي نسبتهما إلى العدد المفروض، واللفظ إنما يدل على حكم الموضوع المذكور فيه، وكل من العدد الزائد والناقص موضوع آخر فلا بد في إثبات حكمه من دليل آخر.
نعم، إن ظهر من الكلام أو من قرائن المقام انتفاء سائر الخصوصيات المتصورة لذكر العدد كان المفهوم من تعليق الحكم عليه إناطة الحكم الواقعي أو النسبة الخارجية بخصوصه، فينتفي أحدهما في غيره، فلو دل دليل آخر على ثبوته للزائد أو الناقص وقعت المعارضة بينهما، إلا إذا دل ذلك على حكم آخر مستقل في نفسه مثل الأول لعدد آخر أيضا، للزوم مغايرته مع الأول، وأما لو لم يظهر هناك من اللفظ ولا من خارجه خصوصية أخرى لذكر العدد ولا انتفاؤها عنه تعين الاقتصار في مدلول اللفظ على المنطوق، لعدم ثبوت المفهوم مع قيام الاحتمال المذكور، وأصالة انتفاء سائر الخصوصيات لا يجدي شيئا في المقام.
ودعوى أن المفهوم حيث كان فائدة معلومة في المقام كان هو المنساق من اللفظ في نظر السامع دون الأمر المحتمل ممنوعة، إنما يتم الانصراف عند ظهور الانتفاء، كما عرفت.