الثالث: أنا نقطع بأن من رأى عشرين أو خمسة أو ملك أحد العددين ثم قال:
رأيت عشرة، أو بعت، أو اشتريت، أو ملكت عشرة عد كاذبا، وكذا في سائر الأمثلة، وليس ذلك إلا لاعتبار المفهوم المذكور.
وفيه: أن لزوم الكذب عند نقصان الواقع عن العدد المخبر عنه إنما هو لمخالفته للمنطوق الصريح. أما مع الزيادة فلا يلزم الكذب، إذ لا يصح سلب رؤية العشرة عمن رأى المائة.
نعم، لو لم يكن في ذكر العشرة خصوصية أصلا عد ذكرها لغوا، وربما عد كاذبا مجازا من حيث ظهور كلامه في استعمال العشرة لخصوصية ما مع مخالفته للواقع، أو حقيقة حيث يقع الكلام في مقام بيان تمام الواقع، فكأنه أخبر بأن الواقع كذا، كما لو أخبر عما يملكه بأنه عشرة فتبين أنه ألف.
الرابع: أن التعليق على العدد لو لم يفد الاختصاص لحسن الاستفهام عن حكم الزائد عليه، أو الناقص عنه، ومن البين خلافه، ألا ترى أنه لو علق الحكم على إقامة العشرة، أو التزويج بأربع نساء، أو شهادة الشاهدين، أو صلاة الركعتين إلى غير ذلك لم يحسن للمخاطب استفهامه عن الناقص والزائد؟! بل يستقبح ذلك في العادات، وليس ذلك إلا لثبوت المفهوم المذكور في العرف والعادة.
وفيه: أنا لا ننكر استفادة المعنى المذكور في كثير من المقامات التي لا يظهر فيها خصوصية أخرى لذكر العدد المخصوص سوى التخصيص، وإنما يقبح الاستفهام في تلك الموارد حيث لا يكون الغرض منه الرجوع عن الظن إلى اليقين.
وأما مع احتمال الخصوصية فلا شك في حسن الاستفهام عن الزائد، فإن المسافر إذا قال: " أقمت عشرة " أمكن أن يكون غرضه حصول الإقامة القاطعة للسفر، وإن أقام خمسة عشر فيحسن السؤال عنه: هل أقمت زيادة على ذلك؟ وكذا من أخبر بشئ من المذكورات أو غيرها بعد سبق نوع من الالتزام، أو التعاهد والتواعد على العدد المخصوص، أو أمكن لحوق بعض الفوائد والآثار لذلك العدد لم يكن في التقييد به دلالة على الحصر وحسن الاستفهام في ذلك المقام.