وأنت خبير بأن الوجه المذكور راجع إلى الأول، لمنافاة كون الغاية آخرا لكونها وسطا، ويأتي فيه ما مر من التفصيل سؤالا وجوابا، فلا وجه لإعادته.
الرابع: أن المفهوم المذكور هو المتبادر من اللفظ عند الإطلاق، إذ ليس المفهوم عرفا من التقييد بالغاية إلا ما ذكر، وقد يعارض بدعوى عدم صحة سلب المحمول عن الموضوع على الوجه المذكور في الكلام عند فرض استمرار الحكم المفروض فيما بعد الغاية، فلا يصح أن يقال للجالس إلى العصر: إنه لم يجلس إلى الظهر، ولا مع وجوب الصوم إلى الليل: إنه لا يجب إلى الظهر، وذلك دليل الحقيقة.
وفيه أولا: أن المدعى أعم من الدلالة الوضعية، فغاية ما يدل عليه ذلك عدم خروج اللفظ بذلك عن حقيقته، وهو لا ينافي المقصود.
وثانيا: أن السلب المذكور حيث بوهم تعلقه بنفس المغيا فلا يصح، أما مع تعلقه بنفس القيد فلا ريب في صحته، فيقال: إن جلوسه لم يكن إلى الظهر بل إلى العصر، فلا تغفل.
قوله: * (احتج السيد... الخ) *.
يمكن الاحتجاج على ذلك أيضا بوجوه:
منها: الأصل، فإن الدلالة على المفهوم في ذلك إما أن تستند إلى وضع اللفظ، أو إلى القرائن الخارجة عن الوضع، ومع الشك فيهما معا لا يمكن الحكم بها، إذ الأصل عدم تعلق غرض الواضع بإفادته، وعدم قيام القرينة عليه، فإن ذلك زيادة في مدلول الكلام، والمتيقن منه هو الدلالة على ثبوت الحكم إلى تلك الغاية، وأما انتفاؤه عما بعدها فأمر آخر يتوقف على قيام الدليل عليه إذ بدونه يتعين الاقتصار في تشخيص المدلول على المتيقن.
وقد يورد عليه: بأن الأصل العملي قد يوافق مقتضى المفهوم في الحكم المقصود منه، وذلك حيث يكون المغيا مخالفا لمقتضى الأصول العملية المقررة في مواردها كما هو الغالب، فمقتضى الأصل حينئذ عدم استمرار الحكم المفروض فيما بعد الغاية، بناء على ما تقرر في محله من عدم حجية الاستصحاب مع الشك في المقتضي.