لوازمه كسائر اللوازم المقصودة بالإفادة - حسب ما أشرنا إليه - فإن إرادتها لا تنافي استعمال اللفظ في معناه الحقيقي أصلا. وأما إن كان المقصود بالإفادة هو المعنى الالتزامي من غير أن يكون المعنى الحقيقي مرادا وإنما يراد من أجل الإيصال إلى لازمه لا غير فالظاهر إدراجها حينئذ في المجاز الأصولي، وحكمها حينئذ حكم سائر المجازات.
والثالث دلالة الإشارة، ويندرج فيها سائر اللوازم المستفادة من الكلام مما لا يكون إفهامه مقصودا من العبارة بمقتضى المقام، سواء استنبطت من كلام واحد أو أكثر، كما في الآيتين المذكورتين، وكذا الحال في الآيتين الدالة إحداهما على ثبوت العصيان بمخالفة الأمر، والأخرى على استحقاق النار بعصيانه تعالى وعصيان الرسول فيستفاد منهما كون أوامر الشرع للوجوب، ومن ذلك دلالة وجوب الشئ على وجوب مقدمته. ومنه أيضا دلالة الحكم على لازمه إن لم يقترن به ما يفيد كون ذلك مقصودا للمتكلم، وإلا كان من دلالة التنبيه حسب ما أشرنا إليه.
فإن قلت: إذا كانت الدلالة على حصول اللازم مقصودا بالإفادة من الكلام في دلالة الاقتضاء والتنبيه والإيماء لزم أن يكون اللفظ مستعملا فيه، إذ ليس المراد بالاستعمال إلا إطلاق اللفظ وإرادة المعنى، فيلزم حينئذ أن يكون ذلك من استعمال اللفظ في حقيقته ومجازه، مع أنه ليس الحال كذلك قطعا، ومع الغض عن ذلك فاللازم إدراج ذلك في الكناية، حيث إنه يراد من اللفظ لازمه مع إمكان إرادة الملزوم مع عدم اندراجها في الكناية.
قلت: أما الجواب عن الأول فظاهر مما قررناه في أوائل الكتاب، إذ قد بينا أن استعمال اللفظ في غير ما وضع له إنما يكون بكونه المقصودة بالإفادة من العبارة من غير أن يكون الموضوع له مقصودا بالإفادة أصلا، وإن جعل فهم المعنى الحقيقي واسطة في الوصلة إليه. وأما إذا كان المعنى الحقيقي مقصودا بالإفادة فإن اللفظ مستعمل فيه. وإن أريد من ذلك الانتقال إلى لازمه أيضا فإن ذلك لا يقضي