الكل كاف في اعتبار وجودها في الذهن والحكم عليها بالمدلولية بملاحظة نفسها، فهي بهذا الاعتبار مقدمة على وجود الكل، فمدلولية الكل متأخرة رتبة عن مدلولية الجزء، نظرا إلى الاعتبار المذكور. وإن كان مدلولية الكل متأصلة في المدلولية ومدلولية الجزء تابعة لها حاصلة بمدلولية الكل فإن الكل من الوجهين اعتبارا غير الاعتبار الملحوظ في الآخر، فتأمل. هذا.
وهل تندرج المجازات في المنطوق الصريح أو الغير الصريح؟ وجهان:
من أن الدلالة الحاصلة فيها إنما هو بطريق الالتزام، حسب ما نص عليه علماء البيان، فيندرج في غير الصريح.
ومن أن استعمال اللفظ في خصوص المعنى المجازي، وإرادته منه على نحو الحقيقة، وقد تحقق الوضع النوعي بالنسبة إليه، فيندرج لذلك في المطابقة والالتزام الذي يجعل من المنطوق الغير الصريح هو ما يستفاد من اللفظ على سبيل الالتزام من غير أن يستعمل اللفظ فيه، كما هو الحال في الأمثلة المتقدمة.
وربما يفصل بين ما تكون القرينة في المجازات لفظية كما في " رأيت أسدا يرمي "، وما تكون عقلية ونحوها كما في " اسأل القرية " ونحوه، فيندرج الأول في المنطوق الصريح، والثاني في غير الصريح، ولذا عد من دلالة الاقتضاء.
وهو غير متجه، لما ستعرف من أن دلالة القرينة في المقامين التزامية معدودة من الاقتضاء، وهي إنما تحصل من اللفظ بتوسط العقل أو العادة فيهما، فإن إسناد " يرمي " إلى " الأسد " يفيد إرادة الرجل الشجاع منه بضميمة العقل أو العادة، كما أن إسناد السؤال إلى القرية يفيد إرادة الأهل منه كذلك، وأن استعمال الأسد والقرية في المعنيين المذكورين على سبيل التوسع والمجاز فيهما من غير فرق أيضا، فإن الحق الدلالة الحاصلة فيه من جهة انضمام القرينة بالمنطوق الصريح، نظرا إلى استعمال اللفظ فيه، فليكن كذلك في المقامين، وإلا فلا فيهما.
والأظهر عد المجاز من المنطوق الصريح، إذ لا بعد في اندراجه في المطابقة، نظرا إلى ما ذكر من استعمال اللفظ فيه، وحصول الوضع الترخيصي بالنسبة إليه،