موافقة الأمر أو لغيره من الجهات، ولا يمكن حصول ذلك بفعل المحرم أيضا، لعين ما ذكر. وإسقاط الواجب يحصل بكل من الوجهين المذكورين، وبالإتيان بما يرتفع به متعلق الحكم، ولا يبقى هناك تكليف. ألا ترى أن الواجب من أداء الدين هو ما يكون على الوجه المشروع فإنه الذي أمر به الشرع، لكن إذا أداه على غير الوجه المشروع لم يبق هناك دين حتى يجب أداؤه؟! وهكذا الحال في نظائره كتطهير الثوب على الوجه المحرم، ومن ذلك الإتيان بالمقدمة على وجه غير مشروع، كقطع المسافة إلى الحج على الوجه المحرم، فإن ذلك القطع ليس مما أمر الله سبحانه به قطعا، لكن إذا أتى به المكلف حصل ما هو المقصود من التكليف بالمقدمة، ولم يبق هناك مقدمة حتى يجب الإتيان بها، فيسقط عنه وجوبها، إلا أن ما أتى به كان واجبا عليه من جهة محرما من أخرى، فإن ذلك مما يستحيل قطعا عند القائل بعدم جواز اجتماع الأمرين ولو من جهتين.
فظهر بما قررنا: أن احتجاجه على جواز اجتماع الوجوب التوصلي مع التحريم بما ذكره من سقوط الواجب حينئذ وعدم وجوب إعادته موهون جدا، لما عرفت من كون سقوط الواجب أعم من أدائه، فيمكن حصول الأول من دون الثاني، وإنما يتم له الاحتجاج لو أثبت حصول الأداء بذلك، وهو ممنوع، بل ممتنع قطعا، نظرا إلى عموم الدليل القاضي بامتناع الاجتماع المسلم عند المصنف.
ويمكن تنزيل كلامه (رحمه الله) على ذلك، فيريد بما ذكره إمكان سقوطه بفعل المحرم من غير عصيان للأمر المتعلق بها، بخلاف الحال في غيرها، حيث لا يمكن هناك سقوط الواجب كذلك إلا بأدائه على غير الوجه المحرم على ما هو الحال في العبادات.
ويقربه إنه إنما اخذ في التفريع هنا وفي دفع الشبهة التي قررها سقوط الواجب بذلك من جهة حصول الغرض من التكليف إلى أدائه بها، لكن يبعد إرادته ذلك من وجوه:
أحدها: أن ذلك بعينه جار في غير المقدمة من الواجبات إذا لم يكن من العبادات، فلا وجه لتخصيص الحكم بالواجبات التوصلية.