أو غيرها من الأمور الباعثة عليه ولو بالتماس غيره على اختياره ذلك، أو الكون في مكان لا يمكنه الإتيان، أو يحتشم عن التعرض لمثله، أو الاشتغال بفعل يمنعه عن ذلك، أو يتسلط معه على مدافعة تلك الدواعي ونحو ذلك لزمه ذلك، وإن كان صدور العصيان منه لولاه حاصلا باختياره فإنه يلزمه دفع ذلك الاختيار على حسب قدرته واختياره وحينئذ فإذا كان فعل الضد قاضيا بدفعه وجب عليه الإتيان به على حسب ما يكون رادعا له عن العصيان من ارتكابه له قبل زمان الضد الآخر، أو في حاله بإيجاده ذلك بدل إيجاده بحيث لو لم يشتغل به لاشتغل بالآخر، إلا أن وجوب ذلك حينئذ لا يقضي بانتفاء المباح مطلقا ولو في تلك الصورة، إذ لا يكون فعل كل من المباحات رادعا له عن العصيان ليجب الكل عليه تخييرا، وإنما يكون الرادع خصوص بعض الأفعال، ولو فرضنا كون المانع في بعض المقامات أي فعل من الأفعال، فغاية الأمر انتفاء المباح في بعض الفروض النادرة بالنسبة إلى الشخص الخاص في بعض الأحوال، وذلك مما لا يستنكر الالتزام به، ولم يقم دليل على بطلانه، ولم يظهر إنكار القوم فيه. هذا غاية ما يتخيل في توضيح المرام وتبيين ما ذكره المصنف في المقام.
لكنك خبير بأن ما ذكر في القسم الثاني استدراك محض لا يناط به الجواب المذكور، حيث إن قضية التوقف المفروض وجوب بعض الأفعال في بعض الأحوال، ولا يختلف بسببه الحال في الجواب، فإن حقيقة الجواب هو المنع من توقف الترك على فعل المباح مطلقا حسب ما ذكره المستدل، وإنما يتوقف على وجود الصارف حسب ما قررناه، غاية الأمر أن يتوقف الصارف في بعض الأحيان على ذلك، أو على إرادة الضد حسب ما مر، ولا يقضي ذلك بانتفاء المباح حسب ما رامه المستدل، فالجواب في الصورتين أمر واحد.
ثم لا يذهب عليك أن ما يقتضيه الوجه المذكور هو وجوب ما يتوقف عليه الترك، وهو قد يكون ضدا متقدما، وقد يكون مقارنا، وفي صورة المقارنة يكون إرادة الضد كافية في تحقق الصارف حسب ما مر، إلا أنه قد يتوقف بقاؤها على