وأما إن أريد بالفعل الأثر الحاصل من الفاعل - سواء كان عن تأثير مقارن له أو سابق عليه - فيبقى الأثر بنفسه، فالتلبس بفعل من الأفعال حينئذ من لوازم وجود المكلف مطلقا، إذ لا يمكن خلو الجسم عن الأكوان، سواء قلنا ببقاء الأكوان واستغناء الباقي عن المؤثر، أو لا.
فالمناقشة في المقام بأن الكلام في أن ما يصح وصفه بالإباحة هل يجوز خلو المكلف عنه أو لا؟ فإن مقصود الكعبي بذلك نفي المباح رأسا، ومن البين أن الأثر المستمر يتصف بالإباحة والحرمة - ولذا يكون الساكن في المكان المغصوب متلبسا بالحرام وإن قلنا بالبقاء والاستغناء - هينة جدا، إذ لا يرتبط التفصيل المذكور بأصل الجواب، وإنما هو استدراك مبني على ما هو الظاهر من لفظ الفعل المذكور في كلام المستدل، فلا مانع عن سقوط ذلك لو فسر الفعل في كلامه بالمعنى الثاني والتزم بكونه من لوازم الوجود مطلقا.
وقد يناقش أيضا: بأن البناء على تجدد الأكوان أو احتياج الباقي إلى المؤثر لا يستلزم عدم خلو المكلف عن الفعل، لمنع وجوب استناد الكون من الحركة والسكون والاجتماع والافتراق إلى محله، لجواز استناده إلى غيره.
وأنت خبير بوهن الاحتمال المذكور لو أريد عدم استناده إلى المكلف رأسا.
كيف! ولو كان كذلك لما صح اتصافه بالتحريم والإباحة. ولو أريد به عدم استناد البقاء أو الأكوان المتجددة إليه فلا وجه لإمكان اتصافه بها حينئذ من جهة التفريع، إلا أنه لا يخلو عن بعد، والأمر فيه سهل.
قوله: * (وأما مع انتفاء الصارف وتوقف الامتثال... الخ) *.
أورد عليه: بأن تسليم توقف ترك المنهي عنه على فعل الضد يستلزم الدور بعد ملاحظة ما سلمه أولا من توقف فعل أحد الضدين على ترك الآخر، حسبما يظهر من جوابه عن الدليل الأول، حيث اختار الجواب بمنع وجوب المقدمة دون أن يمنع كون ترك الضد مقدمة، وسيصرح به أيضا، إذ يلزم حينئذ توقف ترك المنهي عنه على فعل ضده، وتوقف فعل ضده على ترك المنهي عنه.