ثانيها: المعارضة بأنه لو تم ما ذكر من الدليل لزم أن يكون الحرام واجبا فيما إذا حصل به ترك حرام آخر، فيلزم اجتماع الوجوب والتحريم في شئ واحد وأنه محال ورد ذلك بأنه إنما يقضي ذلك باجتماع الحكمين من جهتين ولا مانع منه.
ويدفعه: أن الإيراد مبني على جواز اجتماع الأمر والنهي من جهتين فلا يتم على المشهور المنصور من المنع منه، وعليه مبنى الجواب، فالحق في الإيراد عليه أن يقال: إن ذلك مسقط إذا للواجب وليس الإتيان بالحرام من أفراد الواجب وإن حصل به الأداء إلى ترك حرام آخر إذ ليس كل موصل إلى الواجب مندرجا في المقدمة الواجبة كما مرت الإشارة إليه.
ثالثها: المنع من وجوب مقدمة الواجب وهو أوضح الأجوبة بناءا على القول بنفي وجوب المقدمة، وأما القائل بوجوبها مطلقا فلا بد له من التزام غيره من الأجوبة لينحل به الإشكال، وقد استصعب ذلك على الآمدي فعجز عن حل الإشكال لاختياره وجوب المقدمة قائلا: إنه لا خلاص عنه إلا بمنع وجوب ما لا يتم الواجب إلا به، وفيه خرق للقاعدة الممهدة على أصول الأصحاب، ثم إن ما ذكره الكعبي في غاية الغموض والإشكال وعسى أن يكون عند غيري حله، ولذا أشار المصنف إلى ضيق الأمر على الجماعة من جهة القول بوجوب ما لا يتم الواجب إلا به مطلقا مشيرا بذلك إلى أن من لا يقول به مطلقا فهو في سعة من ذلك، كالمصنف المانع من وجوب غير المقدمة السببية والحاجبي حيث اختار في الجواب عن الشبهة منع وجوب المقدمة مطلقا نظرا إلى اختياره اختصاص الوجوب بالشروط الشرعية دون العقلية والعادية، ولا ريب أن ترك الضد من المقدمات العقلية.
نعم لو كانت المضادة بينهما مما ثبت بحكم الشرع أمكن قوله بالمنع منه ولا يلزم منه القول بنفي المباح، وقضية كلامه توقف دفع الشبهة على المنع المذكور والتحقيق خلافه، كما سنبين الحال فيه إن شاء الله.
وربما يورد في المقام: بأن بعض تقريرات شبهة الكعبي لا يتوقف على