فيثبت بالمقدمة الأولى كون الصيغة حقيقة في طلب معناه المادي من دون إفادة الهيئة لما يزيد على ذلك، فيثبت بذلك عدم دلالة الأمر بهيئته على شئ من المرة والتكرار.
ثم بين بقوله: " والمرة والتكرار خارجان... الخ " أن معناه الحدثي لا دلالة فيه على شئ من الأمرين، فإنه بعد الرجوع إلى العرف لا يفيد خصوص شئ منهما كما هو الحال في الزمان والمكان، فيثبت بذلك كون مدلوله المادي هو الطبيعة المطلقة، فيفيد ذلك عدم دلالته على شئ من الأمرين بمادته، وبه يتم المدعى: من عدم دلالة الأمر على شئ من الأمرين مطلقا.
وثانيهما: أن المقصود بالتبادر المدعى عدم دلالة الأمر بالمطابقة أو التضمن على شئ من المرة أو التكرار، حيث إن مدلوله ليس إلا طلب حقيقة الفعل، ومن البين خروج المرة والتكرار عن نفس الطبيعة. والمراد بقوله: " والمرة والتكرار خارجان... الخ " بيان انتفاء الدلالة الالتزامية. فإن الخارج من الحقيقة قد يكون مدلولا التزاميا لها، ولا يفيد خروجه عن المدلول انتفاء الدلالة عليه، فقال: " إن المرة والتكرار خارجان عن حقيقته على نحو الزمان والمكان " يعني: أنه ليس مما لا يمكن انفكاك تصور الطبيعة عن خصوص واحد منها إذ يتصور طلب الفعل من دون ملاحظة شئ منهما، كما هو الحال في الزمان والمكان والآلة، فعلى هذا يكون قوله: " كالزمان والمكان " قيدا مأخوذا في المقدمة المذكورة، وهذا الوجه بعيد عن سياق العبارة كما لا يخفى.
قوله: * (نعم لما كان... المرة) *.
قد يتراءى من ذلك كون المرة ملحوظة على وجه اللابشرط مستفادة من الصيغة، نظرا إلى الوجه المذكور، غاية الأمر أن يكون مدلولا التزاميا للصيغة لا وضعيا، وذلك لا يقضي بالفرق في نفس المدلول، إذ أقصى ذلك الفرق بينهما في كيفية الدلالة، ولا فائدة فيه بعد حصول أصل الإفادة على ما هو المقصود في المقام.