تقييد الإطلاق، فيكون كل من الأمرين أو الأوامر مقيدا لإطلاق الدوام المستفاد من الآخر. ولو كان أحد الأمرين مطلقا والآخر مقيدا بالدوام احتمل كونهما كالمطلقين وترجيح المقيد بالدوام فيؤتى بالآخر مرة.
قوله: * (فجعلوها للمرة... الخ) *.
القول به محكي عن جمع كثير، وحكي عن أبي الحسين أيضا، وكذا عن ظاهر الشافعي.
ثم إن القول بالمرة يتصور على وجوه:
أحدها: أن يراد به المرة بشرط لا، وهي المرة المقيدة بالوحدة، فينحل الأمر إلى أمر ونهى، أعني طلب إيجاد الفعل مرة وطلب تركه زائدا عليها، ويتصور ذلك على وجهين:
أحدهما: أن يكون كل من طلب الفعل والترك مستقلا حتى أنه إذا أتى بالفعل مرتين كان مطيعا عاصيا.
ثانيهما: أن يكون طلبه للفعل مقيدا بترك الزائد، فيكون فعله الثاني عصيانا ومانعا من حصول الامتثال بالأول، فيكون الحكم بحصول الامتثال بالأول مراعى بعدم الإتيان به ثانيا وحينئذ فإما أن يقال: بعدم إمكان الامتثال أصلا إذ لا يمكن الإتيان به مرة بعد ذلك أو يقال: بكون فعله الثاني مبطلا للأول، فكأنه لم يأت به، لعدم العبرة بالباطل، فلا بد من الإتيان بالثالث، وحينئذ إن أتى بالرابع أبطل الثالث، وهكذا الحال في سائر المراتب (1).
ثانيها: أن يراد به المرة بشرط لا أيضا، لكن من دون أن ينحل الأمر إلى أمر ونهي، بل بأن يكون المطلوب هي المرة المقيدة بعدم الزائد حتى أنه إذا أتى بالزائد لم يتحقق الامتثال بالأول، لفوات شرطه من دون أن يكون مجرد الإتيان بالثاني منهيا عنه بنفسه، وفي تحقق الامتثال حينئذ بالمرة الثالثة والخامسة مثلا الوجهان المتقدمان.
ثالثها: أن يكون المراد به المرة لا بشرط شئ، بأن يفيد كون المرة مطلوبة