وذلك لا يستلزم أيضا أن يكون القائل المذكور قائلا بتقييد الحدث المتعلق للطلب بذلك، بل يقول بكون المقصود بالحدث نفس الطبيعة المطلقة ويكون الدلالة على المرة أو التكرار من جهة الصيغة، وهذا هو الظاهر من القائل بالتكرار، إذ لا وجه للقول بإفادة مدلوله الحدثي ذلك. وأما القول بالمرة فيتصور على كل من الوجهين المذكورين.
ثم إنه يمكن تقرير النزاع في المقام في بيان ما وضع له صيغة الأمر على نحو ما مر في الأصل السابق، وهو الظاهر من كلماتهم في عنوان المسألة، ويستفاد من ملاحظة أدلتهم ومطاوي كلماتهم وقد يقع التصريح منهم بذلك في بعض المقامات.
ويمكن أن يكون النزاع فيما يستفاد من الصيغة حين الإطلاق، سواء كان من جهة الوضع له بخصوصه أو انصراف الإطلاق إليه. وهو الذي يساعده ملاحظة الاستعمالات، إذ القول بوضع الصيغة لخصوص المرة - حتى يكون الأمر بالفعل مرتين أو ما يزيد عليه مجازا - في غاية البعد، بل لا يبعد القطع بفساده. وكذا لو علق الفعل بالمرة بناءا على القول بوضعه للتكرار، بل قد لا تكون المادة قابلة للتكرار، فينبغي أن تكون تلك الصيغة مجازا دائما. فتأمل.
قوله: * (وإنما يدل على طلب الماهية... الخ) *.
يعني: من غير أن يدل على ما يزيد على ذلك، فلا يفيد كون (1) الماهية مطلوبة في ضمن المرة أو دائما.
قوله: * (فقالوا بإفادتها التكرار... الخ) *.
القول به محكي عن أبي حنيفة والمعتزلة والأستاذ أبي إسحاق وأصحابه.
ثم إن الدوام والتكرار يفترقان بحسب المفهوم، من حيث إن التكرار ظاهر في الأفراد المتعددة المنفصلة، والظاهر من الدوام هو الفرد الواحد المستدام أو الأعم منه ومن الأول. والظاهر أن المراد بهما في المقام أمر واحد. فعلى القول به يتحقق بكل من الوجهين، ولا يبعد اختلاف الحال فيه على حسب اختلاف الأفعال.