ولا مقبولة لدى الطباع، إذ كانت لا تشفي العليل ولا تروي الغليل بل لا ينتفع بها إلا أقل قليل، لكثرة ما فيها من السقط والتغيير والتبديل. فعظم ذلك على الراغبين وضاقت به صدور الطالبين. وحيث تصدى لتجديد طبعه في هذا الزمان بعض أهل الصلاح التمسني جماعة من الإخوان أن أجيل فيه قلم الإصلاح، فلم أر بدا من إسعاف مسؤولهم وإنجاح مأمولهم، فشمرت عن ساق الجد، وبلغت أقصى درجة المجد، وأخذت في ملاحظة الكتاب ومطالعته وتصحيحه وتنقيحه، فمتى عثرت على لفظ غلط أو كلام في البين سقط وضعت الصحيح موضع السقيم وأتيت عن الساقط بما يستقيم، فكأنه عين أصله أو شئ كمثله، ونبهت على جملة مما كان من هذا الباب في حواشي الكتاب. وهناك مواضع يسيرة ومواقع غير كثيرة، ومنها بعض أخبار مروية وعبارات محكية بقيت على حالها وطويت على اختلالها، حيث لم تحضرني النسخة ولم تساعدني الفرصة. وربما زاغ البصر وأخطأ النظر فحصل الذهول عن بعض ما يجب أن يغير، فإن الانسان ليس بمأمون عن الخطأ والنسيان، إلا أن ما كان من هذا القبيل قليل، ومع ذلك فليس بحيث يخل بالفهم أو يوقع الناظر في الوهم.
وأسأل الله الكريم المنان أن ينفع بتصحيحه كما نفع بتصنيفه، وأن يكون هذا إتماما لتلك النعمة وإكمالا لهاتيك المنة، وأن يجعله خالصا لوجهه الكريم، فإنه البر الرؤوف الرحيم.
وقد وافق الفراغ عنه يوم الغدير سنة اثنتين وسبعين بعد الألف والمائتين من الهجرة النبوية على هاجرها ألف ألف سلام وتحية.