ملاحظة الحيثية في نظائر تلك العبارة، فيرجع المراد إلى دلالة تلك الأدلة على الفقه، وإثبات تلك الدلالات إنما يكون في الأصول، فمسائله هو ثبوت الدلالة لكل من تلك الأدلة كدلالة الأمر على الوجوب والإجزاء، والنهي على التحريم والفساد، ودلالة الأمر بالشئ على النهي عن ضده، ونحو ذلك.
يبقى الكلام في مباحث الاجتهاد والتقليد، فإن البحث فيها ليس عن الأدلة، فيحتمل أن يكون ذكرها في الأصول على سبيل الاستطراد. ويمكن إدراج مباحث الاجتهاد فيه نظرا إلى أن البحث هناك عن حال المستدل، وهو أيضا يرجع إلى أن دلالة تلك الأدلة على ثبوت الأحكام الشرعية إنما هي بالنسبة إلى من جمع تلك الشرائط المخصوصة، فهو أيضا بحسب الحقيقة بحث عن حال الأدلة.
وأنت خبير بأن أدلة الفقه من حيث إنها أدلة عليه هي الموضوع لعلم الأصول، فهي بتلك الحيثية أيضا خارجة عن الفن، وملاحظتها من حيث دلالتها على الفقه لا يجعل الأدلة عين الدلالة، مضافا إلى الفرق البين بين أخذ الدلالة بالمعنى التصوري وملاحظتها متعلقا للحكم والتصديق، والمأخوذ في المسائل إنما هو الثاني، ومدلول المركب المفروض لا يزيد عن الأول، فكيف ينطبق ذلك على مسائل الأصول؟ على أن أدلة الفقه يشمل الأدلة التفصيلية المذكورة في علم الاستدلال، بل أظهر فيها، فكيف يدعى انطباق المعنى الإضافي على فن الأصول كما ادعوه حسب ما سيجئ الإشارة إليه.
فظهر بما قررنا: أن أخذ " الأصول " في المقام بمعنى الأدلة - كما رجحه جماعة من الأعلام - ليس على ما ينبغي، سيما إذا أريد تطبيقه على المعنى العلمي، فالأولى حمل " الأصول " هنا على معناه اللغوي.
ثم إنهم قالوا: إن هناك جزء ثالثا هو جزؤه الصوري أعني الإضافة، وقالوا:
إن إضافة اسم المعنى - يعني ما دل على معنى حاصل في الذات، سواء دل معه على الذات كما في المشتقات أو لا - يفيد اختصاص المضاف بالمضاف إليه