لا بمجرد التقييد بالممهدة حسب ما ذكره.
وأما اخراجه ب " الأحكام " ما يستنبط منه الماهيات ونحوها، فغير متجه أيضا، إذ ليس عندنا قواعد ممهدة لاستنباط نفس الماهيات، ومجرد استنباطها منها لا يقضي بكونها ممهدة لأجلها. ومن الغريب! تسليمه (رحمه الله) لذلك حيث قال: إن معرفتها ليست من مسائل الفقه حتى تكون قواعد الأصول ممهدة لاستنباطها، فإنه إذا لم يكن تمهيد الأصول لبيانها كانت خارجة بقيد " الممهدة " على حسب ما ذكره في اخراجه المنطق والعربية.
على أنه يمكن أن يقال: إن الخارج من الفقه تصور تلك الماهيات لا التصديق بما قرر الشارع من حقائقها، وخروجها عن الفقه من الحيثية الأولى لا يقضي بخروجها عنه بالاعتبار الثاني، ولا يبعد حينئذ إدراجها في الأحكام الشرعية الفرعية الوضعية كما سيجئ الإشارة إليه إن شاء الله، ومن البين أن ذلك هو المستفاد أولا من تلك القواعد دون الجهة الأولى وإن تفرعت عليها، ومع الغض عن ذلك فلا ريب في كون المستفاد من تلك القواعد أن الصلاة كذا والصيام كذا ونحوهما، ولا ريب في اندراجها في الحكم وإن لم نقل بكونها حكما شرعيا، فتأمل.
هذا، وقد يشكل الحال في الحد المذكور بخروج مباحث الاجتهاد والتقليد عنه مع اندراجها في مسائل الأصول.
وقد يقال باندراج كثير من المسائل المتعلقة بالاجتهاد في البحث عن حال الأدلة، فإن المرجع فيه إلى كون الدليل دليلا بالنسبة إلى المجتهد دون غيره.
وحينئذ ربما يلتزم الاستطراد في ذكر المباحث المتعلقة بالتقليد كبعض مباحث الاجتهاد مما لا يتعلق بالبحث عن الأدلة، كاشتراط العدالة في المفتي ونحوه. ولا يخلو عن بعد، لتصريح جماعة من الأعاظم باندراجها في الفن، ولذا زادوا في الحد ما يدل صريحا على اندراجها في الأصول، كما هو الظاهر من عدهم ذلك من مطالب الفن.
وما قد يتخيل في إدراج الجميع في الحد المذكور من كون البحث عن أحوال المستفتي أيضا بحثا عن حال الدليل فمما لا يعقل وجهه.