المعروضة لها، فهي موضوعة بإزاء معناها المادي والهيئي بوضع واحد.
وثانيا: أن معناها الهيئي أيضا ليس مجرد الوجوب لأخذ الزمان والإسناد إلى فاعل ما في معنى الأفعال، إذ ليس دلالتها على ذلك إلا من جهة وضعها الهيئي فهو بتلك الملاحظة أيضا بعض من مدلولها.
ومنها: أن الوجوب بمعنى كون الفعل مما يترتب على تركه استحقاق الذم أو العقاب، كما هو المعنى المصطلح من الأمور العقلية أو الشرعية التابعة لملاحظة حال الآمر مع المأمور في وجوب طاعته واستحقاق الذم أو العقاب على مخالفته، فهو من اللواحق الطارئة على الفعل المأمور به في بعض الأحوال وأين ذلك من وضع الصيغة له بحسب اللغة.
ومنها: أن صيغة الأمر من جملة الأفعال المسندة إلى فاعليها، فكيف يصح جعل الوجوب مدلولا لها؟ مع أنها من حيث الصدور من لواحق الأمر ومن حيث القيام من لواحق الفعل المأمور به - أعني المادة المتعلقة لهيئة الأمر - وليس من لواحق المأمور الذي هو الفاعل لتلك الصيغة ليصح إسنادها اليه.
والحاصل: أنه إن اخذ الوجوب مدلولا لصيغة الأمر فإن فسر بطلب الفعل على سبيل المنع من الترك كان مسندا إلى الأمر، فينبغي أن يسند الفعل إلى المتكلم دون المخاطب أو الغائب، وإن فسر بالصفة القائمة بالفعل فهو من لواحق الحدث الذي اخذ مبدأ للأمر فلا وجه لإسناده إلى المخاطب أو غيره.
ومنها: أن الأمر من جملة الإنشاءات الغير المحتملة للصدق والكذب فلو كان مدلولها بحسب الوضع هو وجوب الفعل على المأمور كان محتملا للصدق والكذب، لإمكان مطابقة المدلول المفروض للواقع وعدمها.
وبالجملة: المعنى المذكور من المعاني الخبرية التي لها مطابق بحسب الواقع، فلا يصح جعلها مدلولا للإنشاء.
ومنها: أن ما يستفاد من الصيغة بناء على القول المذكور إنما هو إيجاب الفعل على المأمور وإلزامه به، ووجوب الفعل عليه متفرع على الإيجاب تابع له، فلا