كاستعمالها في الشئ الواحد في الدلالة على الحقيقة ".
واحتج على كونها حقيقة في الوجوب بالنسبة إلى العرف الشرعي:
بحمل الصحابة كل أمر ورد في القرآن أو السنة على الوجوب، وكان يناظر بعضهم بعضا في مسائل مختلفة، ومتى أورد أحدهم على صاحبه أمرا من الله سبحانه أو من رسوله (صلى الله عليه وآله)، لم يقل صاحبه هذا أمر، والأمر يقتضي الندب، أو الوقف بين الوجوب والندب، بل اكتفوا في اللزوم والوجوب بالظاهر. وهذا معلوم ضرورة من عاداتهم ومعلوم أيضا: أن ذلك من شأن التابعين لهم، وتابعي التابعين. فطال ما اختلفوا وتناظروا، فلم يخرجوا عن القانون الذي ذكرناه. وهذا يدل على قيام الحجة عليهم بذلك حتى جرت عادتهم، وخرجوا عما يقتضيه مجرد وضع اللغة في هذا الباب.
قال (رحمه الله): " وأما أصحابنا، معشر الامامية، فلا يختلفون في هذا الحكم الذي ذكرناه، وإن اختلفوا في أحكام هذه الألفاظ في موضوع اللغة، ولم يحملوا قط ظواهر هذه الألفاظ إلا على ما بيناه، ولم يتوقفوا على الأدلة. وقد بينا في مواضع من كتبنا: أن إجماع أصحابنا حجة ".
والجواب عن احتجاجه الأول: أنا قد بينا أن الوجوب هو المتبادر من إطلاق الأمر عرفا، ثم إن مجرد استعمالها في الندب لا يقتضي كونه حقيقة أيضا، بل يكون مجازا، لوجود أماراته، وكونه خيرا من الاشتراك، وقوله: " إن استعمال اللفظة الواحدة في الشيئين أو الأشياء كاستعمالها في الشئ الواحد في الدلالة على الحقيقة "، إنما يصح إذا تساوت نسبة اللفظة إلى الشيئين أو الأشياء في الاستعمال، أما مع التفاوت بالتبادر وعدمه أو بما أشبه هذا من علامات الحقيقة والمجاز، فلا. وقد بينا ثبوت التفاوت.
وأما احتجاجه على أنه في العرف الشرعي للوجوب، فيحقق