الأدلة، والمفروض في الحد المذكور كون الدليل عليها هي الخطابات التفصيلية التي هي عين ذلك المدلول المجهول، فالمحذور المذكور على حاله واعتبار العلم بها إجمالا لا يفيد شيئا في المقام. وليس العلم بها على سبيل الاجمال حاصلا من تلك الخطابات التفصيلية حتى يصح الفرق بين المدلول والدليل بالإجمال والتفصيل، بل العلم الاجمالي الحاصل في المقام على نحو سائر العلوم الإجمالية المتعلقة بالنتائج عند طلب الدليل عليها، ومن البين أنه ليس التفصيل الحاصل من الدليل دليلا على ذلك المعلوم الاجمالي، بل هو عين المجهول المعلوم على جهة الاجمال الحاصل من الدليل القائم عليه، على أنه من الواضح أن العلم بتلك الخطابات على سبيل الاجمال ليس من الفقه في شئ، فلا يصح تحديده به.
ثم إن ما ذكرناه على فرض حمل الخطاب في الحد المشهور للحكم على ظاهر معناه، وأما إن أول بما يجعل جامعا بين الأحكام الخمسة الشرعية والوضعية - كما هو ظاهر كلامهم في ذلك المقام حيث جعلوه مقسما لتلك الأحكام - رجع إلى المعنى الخامس، ولا يتوجه عليه شئ من الإيرادين المذكورين.
وأما الرابع فبعد تسليم شيوع إطلاق الحكم عليه بخصوصه لا يتجه إرادته في المقام، لخروج معظم مسائل الفقه عنه، كبيان شرائط العبادات وموانعها وأسباب وجوبها والبحث عن الصحة والفساد الذي هو المقصود الأهم في قسم المعاملات.
والتزام الاستطراد في جميعها أو كون البحث عنها من جهة الأحكام التكليفية التابعة لها - ولذا قيل بانحصار الأحكام في الخمسة الشرعية وإرجاع الوضعية إليها - كما ترى! نعم يتم ذلك على القول بانحصار الأحكام في التكليفية وإرجاع الوضعية إليها، وحينئذ فلا مانع من حملها على ذلك، إلا أن البناء على ذلك غير متجه، كما قرر في محله.
وأما الخامس فلا مانع من إرادته في المقام، إلا أنه إن فسر بالصفات الخاصة المحمولة - كما هو الظاهر من ملاحظة حدود الأحكام الشرعية - لم يمكن تعلق