تلبسه به من الماضي أو المستقبل وحمل مقيدا بذلك الاعتبار على الذات الغير المتلبسة في الحال فليس إطلاق المشتق حينئذ إلا بالنظر إلى حال التلبس أيضا، إلا أن في صحة الحمل المذكور، إذن من دون حاجة إلى التأويل تأملا وهو كلام آخر لا ربط له بالمقام، فبملاحظة ذلك قد يشكل الحال في دعوى الاتفاق المذكور.
قلت: كلامهم في المرام غير خال عن الإبهام، وكثيرا ما يقع الخلط في المقام، والذي يقتضيه التحقيق هو ما ذكرناه، والظاهر أن إطلاق " الضارب " في المثالين على سبيل الحقيقة حسب ما قررناه وغاية ما يمكن أن يوجه به ما ذكروه أن قضية الحمل في قولنا: " زيد ضارب " هو ثبوت ذلك المفهوم لزيد في حال النطق كما هو ظاهر من الرجوع إلى العرف، فإذا قيد بذلك كان خارجا عن مقتضى وضعه.
نعم، لو اكتفينا في صدق مفهوم الضارب بالفعل بثبوت المبدأ للذات في أحد الأزمنة الثلاثة صح الحمل على سبيل الحقيقة، وكان قولنا: " غدا " قرينة على خصوص ما هو حاصل في المقام من تلك الأقسام، إلا أنه ليس ذلك هو المفهوم من المشتق بالاتفاق، وهذا بخلاف قولك: " زيد يكون ضاربا غدا " إذ قضيته ثبوت المحمول له في المستقبل فلا مجاز أصلا.
وأما قولك: " ضارب أمس " فيبتني المجازية وعدمه فيه على الخلاف المذكور، فلو قيل بوضع المشتق للأعم من الماضي والحال فلا شك في صدق ذلك المفهوم عليه في الحال من غير تجوز ويكون ذكر " أمس " قرينة على تعيين أحد الوجهين، وإن قلنا بوضعه للحال كان أيضا مجازا كالمستقبل.
والتجوز في المقام وإن كان بالنسبة إلى الحمل دون اللفظ بالنظر إلى معناه الأفرادي، إلا أن السبب فيه هو ملاحظة معناه الافرادي كما عرفت، فالإجماع على المجازية في المثال المذكور من جهة إجماعهم على عدم وضعه للمعنى الأعم.
وأنت خبير بأن ذلك مع وهنه وإن احتمل بالنسبة إلى ما ذكر في الاحتجاج،