عرف المخاطب لعرف المحل مع انتفاء عرف المتكلم، أو باختلاف كل منها للآخر، فهذه أيضا وجوه سبعة يقع التأمل فيها.
فإن اختلف عرف المتكلم والمخاطب مع انتفاء العرف في محل الخطاب فالأظهر تقديم عرف المتكلم، إذ الظاهر من المخاطبات الدائرة بين الناس مراعاة المتكلم لعرف نفسه والوضع الحاصل بملاحظة اصطلاحه إن ثبت له عرف، ولذا يقدم العرف الخاص على اللغة والعرف العام من غير خلاف يظهر بينهم، وليس ذلك إلا من جهة ظهور جريه في الكلام على وفق مصطلحه، وهو بعينه جار في المقام.
ومتابعته في الاستعمال لعرف المخاطب مجرد احتمال لا ظهور فيه ليزاحم الظهور المذكور، حتى يقضي بالوقف بين الأمرين.
فالظاهر المذكور متبع في المقام حتى يجئ هناك ما يزاحمه من ملاحظة الخصوصيات في بعض المقامات، لما عرفت من أن المدار في أمثال هذه المسائل على حصول الظن كيف كان.
وقد يقرر الاحتجاج المذكور بملاحظة الغلبة فإن عادة الناس جارية على المكالمة بمقتضى عرفهم وعدم متابعتهم لاصطلاح الغير في محاوراتهم، إلا لقصد التعلم أو فائدة أخرى.
وأورد عليه بأن المسلم من الغلبة المذكورة ما إذا كانت المكالمة مع من يوافق عرفه عرف المتكلم، وأما إذا كانت مع من يخالف عرفه لعرفه فالغلبة المدعاة ممنوعة، بل الظاهر عدمها، وإلا لما خفيت على من يذهب إلى خلاف القول المذكور.
وفيه: أنه لما تحققت الغلبة في معظم المحاورات فمع حصول الشك في الصورة المفروضة - وهو ما إذا كانت المخاطبة مع من يخالف عرفه - قضى ذلك بإلحاقه بالأعم الأغلب، ولا يعتبر ثبوت الغلبة في خصوص الصورة المفروضة، بل حصولها في معظم المحاورات كاف في تحصيل المظنة في محل الكلام.