الثاني ومن البين بناء الأمر في المقام على الظن، وهو حاصل بذلك. وما ذكر في التأييد مما لا يفيد ظنا بالمقصود، وقد عرفت الحال في أكثر ما ذكر مما قررناه فلا حاجة إلى التفصيل.
ومن الغريب احتجاج السيد (رحمه الله) بالوجه الأول منها على ما ادعاه مع ما هو ظاهر من أنه لا مقتضي للالتزام بحصول العلم الضروري بذلك، وحصول العلم به في بعض الأمثلة لا يقضي بكلية الحكم، كيف! وهو منقوض بالحقائق، فإنا نعلم بالضرورة من اللغة وضع السماء والأرض والنار والهواء وغيرها لمعانيها، فلو كان المعنى المشكوك فيه حقيقة لعلمنا ذلك بالضرورة من الرجوع إلى اللغة، كما علمناه في غيرها.
مضافا إلى ما هو معلوم من عدم لزوم حصول العلم الضروري ولا النظري بذلك، إذ كثير من الحقائق والمجازات مأخوذ على سبيل الظن ونقل الآحاد، فالاحتجاج على نفي المجازية بمجرد انتفاء العلم الضروري به غريب.
هذا، واعلم أنه بناء على ترجيح المجاز على الاشتراك كما هو المشهور لو علم بوضع اللفظ بإزاء أحدهما بخصوصه حكم بكون الآخر مجازا، وأما إذا لم يثبت ذلك فإنما يحكم حينئذ بكون أحدهما على سبيل الاجمال حقيقة والآخر مجازا، ولا يمكن الحكم إذن بإرادة خصوص أحدهما مع انتفاء القرينة على التعيين، فلا بد من الوقف، فعلى هذا لا يترتب هنا على القولين ثمرة ظاهرة كما مرت الإشارة إليه. نعم قد يثمر ذلك في مواضع.
منها: أن يكون أحد المعنيين مناسبا للآخر بحيث يصح كونه مجازا فيه لو فرض اختصاص الوضع بالآخر دون العكس، إذ لا ملازمة بين الأمرين كما في استعمال " الرقبة " في الانسان حيث لا يصح استعمال الانسان في خصوص الرقبة، وحينئذ فيحكم بكونه حقيقة في خصوص أحدهما مجازا في الآخر.
ومنها: أنه لا يجوز التجوز في اللفظ بملاحظة مناسبة المعنى لشئ من المعنيين لاحتمال كونه مجازا ولا يجوز سبك المجاز من المجاز، نعم لو كان هناك