الحقيقة، أو يوضع له في العرف وضعا تعيينيا، ويشك حينئذ في هجر المعنى الأول ليكون منقولا، وعدمه ليكون مشتركا قولان.
ذهب العلامة (رحمه الله) إلى كل منهما في النهاية والتهذيب.
والأول محكي عن جماعة من العامة كالرازي والبيضاوي واختاره في المنية.
وكأن الأظهر الثاني، أخذا بأصالة بقاء الوضع الأول وعدم هجره إلى أن يثبت خلافه، وغاية ما ثبت حينئذ بلوغ المعنى الثاني إلى حد الحقيقة أو الوضع له، وأما هجر الأول فغير معلوم، والقول بغلبة النقل على الاشتراك على فرض تسليمه مدفوع، بأنها ليست بمثابة تورث الظن به لشيوع الأمرين، غاية الأمر أن يكون ذلك أغلب في الجملة، وقد عرفت أن مثل تلك الغلبة لا يفيد ظنا في الغالب.
نعم، قد يقال: إن الغالب في الأوضاع الجديدة هجر المعنى السابق وتركه في ذلك العرف، كما يعرف ذلك من ملاحظة المعاني العرفية العامة والخاصة بل لا يكاد يوجد صورة يحكم فيها ببقاء المعنى الأول، فقد يستظهر بملاحظة ذلك الحكم بالهجر. فتأمل.
وربما يؤيده أيضا ذهاب الجماعة إليه حيث إنه لا يعرف القول الآخر إلا للعلامة (رحمه الله)، وهو ممن ذهب إلى الثاني أيضا.
ومن التأمل فيما ذكرناه ينقدح وجه آخر، وهو التفصيل بين ما إذا كان ثبوت المعنى الثاني في عرف غير العرف الأول أو عند أهل ذلك العرف، فيقال بترجيح النقل في الأول والاشتراك في الثاني، وكأنه الأوجه. فتأمل.
ثم إنه ربما يعارض أصالة بقاء المعنى الأول وعدم هجره بتوقف المشترك في إفادة المراد على القرينة بخلاف المنقول.
وفيه: أنه إن أريد بذلك التمسك بأصالة عدم التوقف عليها ففيه أن الحكم بالفهم من دون القرينة خلاف الأصل أيضا، فينبغي أن يقتصر فيه على القدر الثابت، وهو صورة وجود القرينة.
فإن قلت: وضع اللفظ للمعنى قاض بفهمه من اللفظ فالأصل البناء عليه حتى يثبت خلافه.