المعنى المجازي في المحمول أو بالعكس، فإن كون الموضوع هو البليد في قولك:
" البليد حمار " شاهد على إرادة المعنى المجازي من الحمار، لعدم إمكان حمله عليه إلا بذلك الاعتبار، فبتلك الملاحظة يصح حمله عليه وإن صح مع ذلك سلبه عنه أيضا، فمجرد صحة الحمل لا ينهض دليلا على الوضع، نعم قد يفيد ذلك بملاحظة ما ينضم إليه في خصوص المقام ولا كلام فيه، وهذا بخلاف عدم صحة السلب، فإن نفس ملاحظة الموضوع والمحمول هناك لا تقضي بصرف اللفظ عن ظاهره والمفروض خلو المقام عن القرينة فيكون المحكوم بعدم صحة سلبه عنه هو معناه المنصرف إليه عند الإطلاق وليس إلا معناه الحقيقي في نفس الأمر.
فتأمل.
ومما قررنا يظهر ضعف ما ربما يظهر من بعض الأفاضل من دلالة الحمل على الحقيقة، ومع الغض عن ذلك فلو قلنا بدلالة الحمل على الحقيقة كان ذلك في نفسه أمارة عليها فلا ربط له بدلالة التقسيم على الحقيقة كما هو الملحوظ في المقام.
ثالثها: أن الغالب في التقسيمات وقوع القسمة بملاحظة المعنى الحقيقي، فالظن يلحق المشكوك بالأعم الأغلب.
وفيه تأمل، إذ لا بد في الغلبة المعتبرة في أمثال المقام أن تكون بحيث تفيد ظنا بالمرام، لدوران الأمر في الأوضاع مدار الظن وكونها في المقام على النحو المذكور غير واضح، وما ذكر من أن الظن يلحق المشكوك فيه بالأغلب ليس على إطلاقه.
نعم، قد يستفاد من التقسيم ظن بذلك بعد ملاحظة خصوصية المقام وهو كلام آخر، وحينئذ فلا مانع من الاستناد إليه في ذلك المقام.
ثم إن ما ذكرناه من دلالة التقسيم على الحقيقة وعدمها إنما هو بالنسبة إلى تقسيم العام المنطقي إلى جزئياته كما هو ظاهر كلام الجماعة، والظاهر جريان الكلام المذكور بالنسبة إلى تقسيم الكل إلى أجزائه وتقسيم العام الأصولي إلى جزئياته، فيفيد ذلك بناء على ظهور القسمة في تعلقها بالمعنى الحقيقي اعتبار