عند تعلق الجريان أو الوقوف أو نحوهما به، تقول: جرى النهر أو وقف النهر، ولا يصح أن تقول: جمعت النهر أو أخرجت النهر إذا جمعت ماءه أو أخرجت الماء منه، ونحوه استعمال الرقبة في الانسان في مقام تعلق الرق أو العتق به واستعمال اليد فيه في مقام الأخذ أو الإعطاء دون سائر المقامات إلى غير ذلك.
فيستعلم من عدم الاطراد على الوجه المذكور انتفاء الوضع للمعنى المفروض وكون الاستعمال من جهة العلاقة، إذ لو تحقق الوضع له لم يتخلف عنه صحة الاستعمال، وأما مع انتفائه فيصح التخلف لاختلاف الحال في العلاقة بحسب المقامات والمتعلقات في شدة الارتباط وضعفه، واستحسان العرف لاستعماله فيه واستقباحه.
فما ذكره من أنه مع تحقق العلاقة والإذن لا يمكن التخلف، إن أراد به أنه إذا تحققت العلاقة مع الخصوصية الملحوظة في الإذن لم يمكن أن يتخلف عنه صحة الاستعمال، ففيه - مع ما فيه من المناقشة إذ لا مانع إذن من قضاء الإذن العام بجواز الاستعمال ووقوع المنع الخاص من استعماله في خصوص بعض الصور فيقدم الخاص على العام، فالإذن العام ليس إلا مقتضيا للصحة، ووجود المقتضي إذا قارن وجود المانع لم يعمل عمله - أنه غير مفيد في المقام، إذ عدم إمكان التخلف لا يجدي فيما هو بصدده لاختلاف الخصوصية الملحوظة في الوضع بحسب اختلاف المقامات والمتعلقات فيصح الاستعمال في بعضها دون آخر، فلا يلزمه الإطراد على ما هو المقصود في المقام وإن اطرد على حسب الترخيص الحاصل من الواضع، فليس المراد بعدم اطراد المجاز كونه مجازا مع عدم صحة الاستعمال، بل المدعى أن المعنى الذي لم يوضع له اللفظ واستعمل فيه على سبيل المجاز قد لا يكون جواز الاستعمال فيه مطردا، بأن لا يكون العلاقة المصححة للاستعمال فيه في مقام مصححة له في سائر المقامات، لما عرفت من اختلاف الحال فيه بملاحظة موارد الاستعمال، ولذا يصح استعمال اللفظ في معنى مخصوص في بعض المقامات دون غيره كما عرفت.