استعمل فيه بخصوصه، ومع إرادة الخصوصية من اللفظ، فلا ريب في صحة سلب معناه الحقيقي عنه بهذا الاعتبار وإن لم يصح سلبه عنه بالاعتبار الأول، فما ذكره في وجه عدم جريان ما ذكره في عدم صحة السلب ليس بمتجه.
قلت: يظهر مما ذكر في الإيراد حمل كلام المجيب على أنه إذا لم يعلم المستعمل فيه أصلا وأريد المعرفة به فبصحة سلب المعنى الحقيقي عن المراد من جهة القرينة الدالة على إرادة غيره يعلم إرادة المجازي، ولذا ذكر في الإيراد عليه:
أن ذلك ليس من العلامة في شئ، والذي يظهر بالتأمل في كلامه أن ذلك ليس من مقصود المجيب في شئ كيف! وفساد الكلام المذكور يشبه أن يكون ضروريا ولا داعي لحمل كلامه عليه مع ظهوره في خلافه، بل الظاهر أن مراد المجيب أنه إذا أطلق اللفظ على مصداق - كما إذا استعمل الحمار في البليد - وشككنا في كونه مصداقا لمعناه الحقيقي أو المجازي مع العلم بكل منهما فلم يعلم المستعمل فيه في المقام من جهة الشك المذكور فإنه إن كان فردا للحيوان الناهق كان اللفظ مستعملا في معناه الحقيقي إن أطلق على فرد منه لا من حيث الخصوصية، وإن لم يكن فردا منه فهو من مصاديق معناه المجازي، أعني الحيوان القليل الإدراك ويكون اللفظ إذن مستعملا فيه فيتعرف إذن بصحة سلب معناه الحقيقي عنه أنه من أفراد المعنى المجازي وأن اللفظ مستعمل في معناه المجازي.
وقوله: " فإنا نعلم بصحة سلب المعنى الحقيقي عن المورد... إلخ " كالصريح فيه، فإنه إذا لم يطلق اللفظ على مصداق معين فمن أين يتحقق هناك مورد معلوم للاستعمال.
ثم إنه مع الجهل بالمراد مطلقا كيف يعقل سلب المعنى الحقيقي عن المجهول المطلق؟ ويتعرف بذلك كون المستعمل فيه مجازا. والحاصل: أن ما ذكرناه في كمال الظهور من الكلام المذكور.
ثم ما ذكره ثانيا من عدم جريان ذلك في عدم صحة السلب معللا بما ذكره في غاية الظهور أيضا فيما قلناه.