وفي اعتبار الشرط المذكور في أوضاع تلك الألفاظ من السماجة ما لا يخفى، بل مرجع ذلك بمقتضى ما ذكروه - من كون الاستعمال في الجزئيات بخصوصها لا من حيث إنطباق الكلي عليها - إلى كون تلك الألفاظ بمقتضى الاشتراط المذكور متعينة في الحقيقة بإزاء تلك الجزئيات، فيكون مرجعه على أقبح الوجوه إلى القول الآخر.
نعم، لو قيل بأن استعمالها في الجزئيات لا من حيث الخصوصية بل من حيث انطباق الكليات التي وضعت بإزائها عليها فيجعل ثمرة الاشتراط المذكور عدم جواز استعمالها في تلك الكليات على الوجه الآخر نظرا إلى كون الوضع توقيفيا فلا يجوز التعدي فيه عما اعتبره الواضع أمكن أن يوجه به القول المذكور، إلا أن فيه خروجا عن الطريقة المعروفة في الأوضاع، لا أن فيه تفكيكا بين الوضع ولازمه كما ادعي في الاحتجاج المذكور.
ثانيها: أنها لو كانت موضوعة للمعاني الكلية لكانت الألفاظ المذكورة مجازات لا حقائق لها، نظرا إلى عدم استعمالها في المعاني الكلية أصلا، وهو مع ما فيه من البعد لا وجه للالتزام به من دون قيام دليل ظاهر عليه، إذ لا داعي لحمل الاستعمالات المعروفة على المجاز والقول بوضع تلك الألفاظ المتداولة لمعنى لم تستعمل فيه أصلا، كيف ومن المقرر كون الأصل في الاستعمال الحقيقة حتى يتبين المخرج، مضافا إلى أنه لو كان الحال فيها على ما ذكر لما احتاجوا في التمثيل للمجازات التي لا حقائق لها إلى التمسك بالأمثلة النادرة كلفظ " الرحمن " والأفعال المنسلخة عن الزمان مع ما فيها من المناقشة، وكان التمثيل بالألفاظ المذكورة هو المتعين في المقام، ففي العدول عن ذكرها إلى التمثيل بتلك الأمثلة الخفية دلالة ظاهرة على فساد القول المذكور.
والجواب عنه ظاهر مما بيناه، إذ لا داعي إلى التزام التجوز في تلك الألفاظ بالنظر إلى إطلاقها على تلك المعاني الخاصة، إذ ليس ذلك إلا من قبيل إطلاق الكلي على الفرد، ومن البين أنه إنما يكون على وجه الحقيقة إذا لم يؤخذ في