على عدم إلهيتها لا وعلى سخافة عقول عابديها " قالوا من فعل هذا بآلهتنا إنه لمن الظالمين " أي في صنيعه هذا " قالوا سمعنا فتى يذكرهم يقال له إبراهيم " أي قال من سمعه يحلف إنه ليكيدنهم سمعنا فتى أي شابا يذكرهم يقال له إبراهيم، قال ابن أبي حاتم حدثنا محمد بن عوف حدثنا سعيد بن منصور حدثنا جرير بن عبد الحميد عن قابوس عن أبيه عن ابن عباس قال: ما بعث الله نبيا إلا شابا ولا أوتي العلم عالم إلا وهو شاب وتلا هذه الآية " قالوا سمعنا فتى يذكرهم يقال له إبراهيم ". وقوله " قالوا فأتوا به على أعين الناس " أي على رؤوس الاشهاد في الملا الأكبر بحضرة الناس كلهم وكان هذا هو المقصود الأكبر لإبراهيم عليه السلام أن يبين في هذا المحفل العظيم كثرة جهلهم وقلة عقلهم في عبادة هذه الأصنام التي لا تدفع عن نفسها ضرا ولا تملك لها نصرا فكيف يطلب منها شئ من ذلك؟ " قالوا أأنت فعلت هذا بآلهتنا يا إبراهيم * قال بل فعله كبيرهم هذا " يعني الذي تركه لم يكسره " فاسألوهم إن كانوا ينطقون " وإنما أراد بهذا أن يبادروا من تلقاء أنفسهم فيعترفوا أنهم لا ينطقون وأن هذا لا يصدر عن هذا الصنم لأنه جماد. وفي الصحيحين من حديث هشام بن حسان عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " إن إبراهيم عليه السلام لم يكذب غير ثلاث: ثنتين في ذات الله قوله " بل فعله كبيرهم هذا " وقوله " إني سقيم " قال وبينا هو يسير في أرض جبار من الجبابرة ومعه سارة إذ نزل منزلا فأتى الجبار رجل فقال إنه قد نزل ههنا رجل بأرضك معه امرأة أحسن الناس، فأرسل إليه فجاء فقال ما هذه المرأة منك؟ قال أختي. قال فاذهب فأرسل بها إلي فانطلق إلى سارة فقال إن هذا الجبار قد سألني عنك فأخبرته أنك أختي فلا تكذبيني عنده فإنك أختي في كتاب الله وإنه ليس في الأرض مسلم غيري وغيرك فانطلق بها إبراهيم ثم قام يصلي فلما أن دخلت عليه فرآها أهوى إليها فتناولها فأخذ أخذا شديدا فقال ادعي الله لي ولا أضرك، فدعت له فأرسل فأهوى إليها فتناولها فأخذ بمثلها أو أشد ففعل ذلك الثالثة فأخذ فذكر مثل المرتين الأوليين فقال ادعي الله فلا أضرك فدعت له فأرسل ثم دعا أدنى حجابه فقال إنك لم تأتني بإنسان ولكنك أتيتني بشيطان أخرجها وأعطها هاجر، فأخرجت وأعطيت هاجر فأقبلت، فلما أحس إبراهيم بمجيئها انفتل من صلاته وقال مهيم؟ قالت كفى الله كيد الكافر الفاجر وأخذ مني هاجر " قال محمد بن سيرين فكان أبو هريرة إذا حدث بهذا الحديث قال تلك أمكم يا بني ماء السماء.
فرجعوا إلى أنفسهم فقالوا إنكم أنتم الظالمون (64) ثم نكسوا على رؤوسهم لقد علمت ما هؤلاء ينطقون (65) قال أفتعبدون من دون الله ما لا ينفعكم شيئا ولا يضركم (66) أف لكم ولما تعبدون من دون الله أفلا تعقلون (67) يقول تعالى مخبرا عن قوم إبراهيم حين قال لهم ما قال " فرجعوا إلى أنفسهم " أي بالملامة في عدم احترازهم وحراستهم لآلهتهم فقالوا " إنكم أنتم الظالمون " أي في ترككم لها مهملة لا حافظ عندها " ثم نكسوا على رؤوسهم " أي ثم أطرقوا في الأرض فقالوا " لقد علمت ما هؤلاء ينطقون " قال قتادة أدركت القوم حيرة سوء فقالوا " لقد علمت ما هؤلاء ينطقون " وقال السدي " ثم نكسوا على رؤوسهم " أي في الفتنة، وقال ابن زيد أي في الرأي وقول قتادة أظهر في المعنى لانهم إنما فعلوا ذلك حيرة وعجزا ولهذا قالوا له " لقد علمت ما هؤلاء ينطقون " فكيف تقول لنا سلوهم إن كانوا ينطقون وأنت تعلم أنها لا تنطق فعندها قال لهم إبراهيم لما اعترفوا بذلك " أفتعبدون من دون الله ما لا ينفعكم شيئا ولا يضركم " أي إذا كانت لا تنطق وهي لا تنفع ولا تضر فلم تعبدونها من دون الله " أف لكم ولما تعبدون من دون الله أفلا تعقلون " أي أفلا تتدبرون ما أنتم فيه من الضلال والكفر الغليظ الذي لا يروح إلا على جاهل ظالم فاجر، فأقام عليهم الحجة وألزمهم بها ولهذا قال تعالى " وتلك حجتنا آتينا إبراهيم على قومه " الآية.
الحجة وألزمهم بها ولهذا قال تعالى " وتلك حجتنا آتينا إبراهيم على قومه " الآية.
قالوا حرقوه وانصروا آلهتكم إن كنتم فعلين (68) قلنا ينار كوني بردا وسلاما على إبراهيم (69) وأرادوا به كيدا