سماطان من الملائكة دعاؤهم يا الله سلم سلم " وقال السدي عن مرة عن ابن مسعود في قوله " كان على ربك حتما مقضيا " قال قسما واجبا: وقال مجاهد حتما قال قضاء وكذا قال ابن جريج وقوله: " ثم ننجي الذين اتقوا " أي إذا مر الخلائق كلهم على النار وسقط فيها من سقط من الكفار والعصاة ذوي المعاصي بحسبهم نجى الله تعالى المؤمنين المتقين منها بحسب أعمالهم فجوازهم على الصراط وسرعتهم بقدر أعمالهم التي كانت في الدنيا ثم يشفعون في أصحاب الكبائر من المؤمنين فيشفع الملائكة والنبيون والمؤمنون فيخرجون خلقا كثيرا قد أكلتهم النار إلا دارات وجوههم وهي مواضع السجود وإخراجهم إياهم من النار بحسب ما في قلوبهم من الايمان فيخرجون أولا من كان في قلبه مثقال دينار من إيمان ثم الذي يليه ثم الذي يليه ثم الذي يليه حتى يخرجون من كان في قلبه أدنى أدنى أدنى مثقال ذرة من إيمان ثم يخرج الله من النار من قال يوما من الدهر لا إله إلا الله وإن لم يعمل خيرا قط ولا يبقى في النار إلا من وجب عليه الخلود كما وردت بذلك الأحاديث الصحيحة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولهذا قال تعالى " ثم ننجي الذين اتقوا ونذر الظالمين فيها جثيا ".
وإذا تتلى عليهم آياتنا بينت قال الذين كفروا للذين آمنوا أي الفريقين خير مقاما وأحسن نديا (73) وكم اهلكنا قبلهم من قرن هم أحسن أثاثا ورؤيا (74) يخبر تعالى عن الكفار حين تتلى عليهم آيات الله ظاهرة الدلالة بينة الحجة واضحة البرهان أنهم يصدون ويعرضون عن ذلك ويقولون عن الذين آمنوا مفتخرين عليهم ومحتجين على صحة ما هم عليه من الدين الباطل بأنهم " خير مقاما وأحسن نديا " أي أحسن منازل وأرفع دورا وأحسن نديا وهو مجتمع الرجال للحديث أي ناديهم أعمر وأكثر واردا وطارقا يعنون فكيف نكون ونحن بهذه المثابة على باطل وأولئك الذين هم مختفون مستترون في دار الأرقم بن أبي الأرقم ونحوها من الدور على الحق كما قال تعالى مخبرا عنهم " وقال الذين كفروا للذين آمنوا لو كان خيرا ما سبقونا إليه " وقال قوم نوح " أنؤمن لك واتبعك الأرذلون " وقال تعالى " وكذلك فتنا بعضهم ببعض ليقولوا أهؤلاء من الله عليهم من بيننا أليس الله بأعلم بالشاكرين " ولهذا قال تعالى رادا عليهم شبهتهم " وكم أهلكنا قبلهم من قرن " أي وكم من أمة وقرن من المكذبين قد أهلكناهم بكفرهم " هم أحسن أثاثا ورئيا " أي كانوا أحسن من هؤلاء أموالا وأمتعة ومناظر وأشكالا قال الأعمش عن أبي ظبيان عن ابن عباس " خير مقاما وأحسن نديا " قال المقام المنزل والندي المجلس والأثاث المتاع والرئي المنظر، وقال العوفي عن ابن عباس المقام المسكن والندي المجلس والنعمة والبهجة التي كانوا فيها وهو كما قال الله لقوم فرعون حين أهلكهم وقص شأنهم في القرآن " كم تركوا من جنات وعيون وزروع ومقام كريم " فالمقام المسكن والنعيم والندي المجلس والمجمع الذي كانوا يجتمعون فيه وقال تعالى فيما قص على رسوله من أمر قوم لوط " وتأتون في ناديكم المنكر " والعرب تسمي المجلس النادي وقال قتادة لما رأوا أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم في عيشهم خشونة وفيهم قشافة فعرض أهل الشرك ما تسمعون " أي الفريقين خير مقاما وأحسن نديا " وكذا قال مجاهد والضحاك ومنهم من قال في الأثاث هو المال ومنهم من قال الثياب ومنهم من قال المتاع والرئي المنظر كما قاله ابن عباس ومجاهد وغير واحد وقال الحسن البصري يعني الصور وكذا قال مالك " أثاثا ورئيا " أكثر أموالا وأحسن صورا والكل متقارب صحيح.
قل من كان في الضلالة فليمدد له الرحمن مدا حتى إذا رأوا ما يوعدون إما العذاب وإما الساعة فسيعلمون من هو شر مكانا وأضعف جندا (75)