الرابة تدعى، إما لقيامها مقام الأم أو لأن الخالة أم كما أن العم أب، ومنه قوله تعالى: * (وإله آبائك إبراهيم وإسماعيل وإسحق) * (البقرة: 133).
البحث الثاني: آوى إليه أبويه ضمهما إليهما واعتنقهما.
فإن قيل: ما معنى دخولهم عليه قبل دخولهم مصر؟
قلنا: كأنه حين استقبلهم نزل بهم في بيت هناك أو خيمة فدخلوا عليه وضم إليه أبويه وقال لهم: * (ادخلوا مصر) *.
أما قوله: * (ادخلوا مصر إن شاء الله آمنين) * ففيه أبحاث:
البحث الأول: قال السدي إنه قال: هذا القول قبل دخولهم مصر؛ لأنه كان قد استقبلهم وهذا هو الذي قررناه، وعن ابن عباس رضي الله عنهما: المراد بقوله: * ( ادخلوا مصر) * أي أقيموا بها آمنين، سمى الإقامة دخولا لاقتران أحدهما بالآخر.
البحث الثاني: الاستثناء وهو قول: * (إن شاء الله) * فيه قولان: الأول: أنه عائد إلى الأمن لا إلى الدخول، والمعنى: ادخلوا مصر آمنين إن شاء الله، ونظيره قوله تعالى: * (لتدخلن المسجد الحرام إن شاء الله آمنين) * (الفتح: 27) وقيل إنه عائد إلى الدخول على القول الذي ذكرناه إنه قال لهم هذا الكلام قبل أن دخلوا مصر.
البحث الثالث: معنى قوله: * (آمنين) * يعني على أنفسكم وأموالكم وأهليكم لا تخافون أحدا، وكانوا فيما سلف يخافون ملوك مصر وقيل آمنين من القحط والشدة والفاقة، وقيل آمنين من أن يضرهم يوسف بالجرم السالف.
أما قوله: * (ورفع أبويه على العرش) * قال أهل اللغة: العرش السرير الرفيع قال تعالى: * (ولها عرش عظيم) * (النمل: 23) والمراد بالعرش ههنا السرير الذي كان يجلس عليه يوسف، وأما قوله: * (وخروا له سجدا) * ففيه إشكال، وذلك لأن يعقوب عليه السلام كان أبا يوسف وحق الأبوة عظيم قال تعالى: * (وقضى ربك أن لا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا) * (الإسراء: 23) فقرن حق الوالدين بحق نفسه، وأيضا أنه كان شيخا، والشاب يجب عليه تعظيم الشيخ.
والقول الثالث: أنه كان من أكابر الأنبياء ويوسف وإن كان نبيا إلا أن يعقوب كان أعلى حالا منه.
والقول الرابع: أن جد يعقوب واجتهاده في تكثير الطاعات أكثر من جد يوسف ولما اجتمعت هذه الجهات الكثيرة فهذا يوجب أن يبالغ يوسف في خدمة يعقوب فكيف استجاز يوسف أن يسجد له يعقوب هذا تقرير السؤال.