على ظاهرها ويحرم التصرف فيها بالتأويل.
المسألة الثانية: قال الواحدي: انتصب مستقيما على الحال، والعامل فيه معنى " هذا " وذلك لأن " ذا " يتضمن معنى الإشارة، كقولك: هذا زيد قائما معناه أشير إليه في حال قيامه، وإذا كان العامل في الحال معنى الفعل لا الفعل، لم يجز تقديم الحال عليه لا يجوز قائما هذا زيد، ويجوز ضاحكا جاء زيد.
أما قوله: * (قد فصلنا الآيات لقوم يذكرون) *.
فنقول: أما تفصيل الآيات فمعناه ذكرها فصلا فصلا بحيث لا يختلط واحد منها بالآخر، والله تعالى قد بين صحة القول بالقضاء والقدر في آيات كثيرة من هذه السورة متوالية متعاقبة، بطرق كثيرة ووجوه مختلفة. وأما قوله: * (لقوم يذكرون) * فالذي أظنه والعلم عند الله أنه تعالى إنما جعل مقطع هذه الآية هذه اللفظة لأنه تقرر في عقل كل واحد أن أحد طرفي الممكن لا يترجح على الآخر إلا لمرجح، فكأنه تعالى يقول للمعتزلي: أيها المعتزلي تذكر ما تقرر في عقلك أن الممكن لا يترجح أحد طرفيه على الآخر، إلا لمرجح، حتى تزول الشبهة عن قلبك بالكلية في مسألة القضاء والقدر.
قوله تعالى * (لهم دار السلام عند ربهم وهو وليهم بما كانوا يعملون) *.
اعلم أنه تعالى لما بين عظيم نعمه في الصراط المستقيم وبين أنه تعالى معد مهيئ لمن يكون من المذكورين بين الفائدة الشريفة التي تحصل من التمسك بذلك الصراط المستقيم، فقال: * (لهم دار السلام عند ربهم) * وفي هذه الآية تشريفات.
النوع الأول: قوله: * (لهم دار السلام) * وهذا يوجب الحصر، فمعناه: لهم دار السلام لا لغيرهم، وفي قوله: * (دار السلام) * قولان:
القول الأول: أن السلام من أسماء الله تعالى، فدار السلام هي الدار المضافة إلى الله تعالى، كما قيل للكعبة - بيت الله تعالى - وللخليفة - عبد الله -.
والقول الثاني: أن السلام صفة الدار، ثم فيه وجهان: الأول: المعنى دار السلامة، والعرب تلحق هذه الهاء في كثير من المصادر وتحذفها يقولون ضلال وضلالة، وسفاه وسفاهة، ولذاذ ولذاذة، ورضاع ورضاعة. الثاني: أن السلام جمع السلامة، وإنما سميت الجنة بهذا الاسم لأن