وما يفترون) * (الأنعام: 112) وهذا على قانون قوله تعالى: * (اعملوا ما شئتم) * وقوله: * (وما يفترون) * يدل على أنهم كانوا يقولون: إن الله أمرهم بقتل أولادهم، فكانوا كاذبين في ذلك القول.
قوله تعالى * (وقالوا هذه أنعام وحرث حجر لا يطعمهآ إلا من نشآء بزعمهم وأنعام حرمت ظهورها وأنعام لا يذكرون اسم الله عليها افترآء عليه سيجزيهم بما كانوا يفترون) *.
اعلم أن هذا نوع ثالث من أحكامهم الفاسدة، وهي أنهم قسموا أنعامهم أقساما: فأولها: إن قالوا: * (هذه أنعام وحرث حجر) * فقوله: * (حجر) * فعل بمعنى مفعول، كالذبح والطحن، ويستوي في الوصف به المذكر والمؤنث والواحد والجمع، لأن حكمه حكم الأسماء غير الصفات، وأصل الحجر المنع، وسمى العقل حجرا لمنعه عن القبائح، وفلان في حجر القاضي: أي في منعه، وقرأ الحسن وقتادة * (حجر) * بضم الحاء وعن ابن عباس * (حرج) * وهو من الضيق، وكانوا إذا عينوا شيئا من حرثهم وأنعامهم لآلهتهم قالوا: * (لا يطعمها إلا من نشاء) * يعنون خدم الأوثان، والرجال دون النساء.
والقسم الثاني: من أنعامهم الذي قالوا فيه: * (وأنعام حرمت ظهورها) * وهي البحائر والسوائب والحوامي، وقد مر تفسيره في سورة المائدة.
والقسم الثالث: * (أنعام لا يذكرون اسم الله عليها) * في الذبح، وإنما يذكرون عليها أسماء الأصنام، وقيل لا يحجون عليها ولا يلبون على ظهورها.
ثم قال: * (افتراء عليه) * فانتصابه على أنه مفعول له أو حال أو مصدر مؤكد، لأن قولهم ذلك في معنى الافتراء.
ثم قال تعالى: * (سيجزيهم بما كانوا يفترون) * والمقصود منه الوعيد.