حمزة: أنتم أسفه الناس، تعبدون الحجارة من دون الله، أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدا عبده ورسوله، فنزلت هذه الآية.
والرواية الثانية: قال مقاتل: نزلت هذه الآية في النبي صلى الله عليه وسلم وأبي جهل وذلك أنه قال: زاحمنا بنو عبد مناف في الشرف، حتى إذا صرنا كفرسي رهان، قالوا منا نبي يوحى إليه. والله لا نؤمن به، إلا أن يأتينا وحي كما يأتيه فنزلت هذه الآية.
والرواية الثالثة: قال عكرمة والكلبي: نزلت في عمار بن ياسر وأبي جهل.
والرواية الرابعة: قال الضحاك: نزلت في عمر بن الخطاب وأبي جهل.
والقول الثاني: إن هذه الآية عامة في حق جميع المؤمنين والكافرين، وهذا هو الحق، لأن المعنى إذا كان حاصلا في الكل، كان التخصيص محض التحكم، وأيضا قد ذكرنا أن هذه السورة نزلت دفعة واحدة، فالقول بأن سبب نزول هذه الآية المعينة، كذا وكذا مشكل، إلا إذا قيل إن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن مراد الله تعالى من هذه الآية العامة، فلان بعينه.
المسألة الخامسة: هذه الآية من أقوى الدلائل أيضا على أن الكفر والإيمان من الله تعالى، لأن قوله: * (فأحييناه) * وقوله: * (وجعلنا له نورا يمشي به في الناس) * قد بينا أنه كناية عن المعرفة والهدى، وذلك يدل على أن كل هذه الأمور إنما تحصل من الله تعالى وبإذنه، والدلائل العقلية ساعدت على صحته، وهو دليل الداعي على ما لخصناه، وأيضا أن عاقلا لا يختار الجهل والكفر لنفسه، فمن المحال أن يختار الإنسان جعل نفسه جاهلا كافرا، فلما قصد تحصيل الإيمان والمعرفة، ولم يحصل ذلك، وإنما حصل ضده وهو الكفر والجهل، علمنا أن ذلك حصل بإيجاد غيره.
فإن قالوا إنما اختاره لاعتقاده في ذلك الجهل أنه علم.
قلنا: فحاصل هذا الكلام أنه إنما اختار هذا الجهل لسابقة جهل آخر، فإن كان الكلام في ذلك الجهل السابق كما في المسبوق لزم الذهاب إلى غير النهاية، وإلا فوجب الانتهاء إلى جهل يحصل فيه لإيجاده وتكوينه، وهو المطلوب.
قوله تعالى * (وكذلك جعلنا في كل قرية أكابر مجرميها ليمكروا فيها وما يمكرون إلا بأنفسهم وما يشعرون) *.